راتب ابنتي مليون

د. فهد الطياش             جريدة الرياض 

    ينقلني الحديث عن قصص النجاح في عالم تقنية الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعي إلى فسحة كبيرة من التفاؤل. ولكن الغريب أننا نحتفي بقصص النجاح في العالم الغربي أكثر من قصص النجاح المحلية. ومن قصص النجاح المحلية التي يتابعها ويرويها باقتدار الزميل الدكتور اسامة النصار رئيس قسم الإعلام بجامعة الملك سعود قصة فتاة سعودية كسرت المعادلة باقتدار.
والقصة باختصار لفتاة برعت في توظيف التصوير في التسويق، ولقيت صدى طيبا في الوسط الاجتماعي. وكانت النتيجة وبداية التحدي تحويل الفكرة الى مشروع سيحقق لها مليون ريال خلال ستة اشهر. وكانت الفتاة قادرة على التحدي وكسرت الرقم لما هو أعلى من المليون. بيئة البيت خلقت للفتاة فرصة النجاح ولو كانت من بيئة أخرى لتم السطو على قصة نجاح حققتها امرأة.
وكم من قصص الاستيلاء على الفتيات، ومكتسباتهن بحجج واهية، والنتيجة خسارة الفتاة وخسارة الأسرة وبالتالي خسارة المجتمع بأسره لعقلية مبدعة. هذه واحدة من قصص نجاح لم تحظ بالاحتفاء الإعلامي مثل بقية شبابنا الذين نستورد قصص نجاحهم من الخارج.
السؤال الآن ما هي أسس النجاح الفردي التي نود ان نغرسها في عقول النشء في عالم الاقتصاد المعرفي؟
مؤسس احد المشاريع الناجحة عالميا والذي يحمل عنوانا إبداعيا مغريا في عالم الضغط النفسي للوظائف هو"التقاعد عند سن 21" وضع سبع قواعد تدريبية للشباب. وبالرغم من ان هذه هي السن الحقيقية لبدء الشقاء الوظيفي إلا انه حولها إلى سن الرخاء الوظيفي. وقبل الخوض في تلك القواعد أود ان اعرض لروح العصر الرقمي كما وصفها الياباني يانجي ماسودا قبل حوالي أربعين عاما، عند تخطيطه للمجتمع المعلوماتي في اليابان.
يشخص ماسودا ثقافة العالم الرقمي بأن الأشخاص سيحظون بالمزيد من الوقت وبالقليل منه في نفس الوقت. ويعتمد هذا على أين يضع الشخص نفسه أمام وسائل التواصل الاجتماعي وعقارب الساعة. فواقعنا يجسد هذه المأساة مبكرا. فكم من الشباب والفتيات يسهرون الليل في حديث الفراغ الزمني فهم يتناقلون أحاديث السمر غير المنتجة. بينما هناك آخرون يحولون الفكرة في دقائق وتنام اعينهم ويسهر الخلق جراها ويختصم.
القواعد السبع التي يشير لها هذا الشاب الذي ذكرته آنفا هي: أولا جيل لم يدرب على تحديد رؤيته. وثانيا جيل يأخذ التخطيط المالي بعدم المبالاة لان الدخل لم يتعب في تحصيله، وثالثا جيل يعمل كل واحد بمفرده ولا يعرف انه يعيش وسط مجموع من البشر فلم يعرف كيف يحصل على المساعدة، ومجموع لم يعد يكترث بتقديم المساعدة للنشء. ورابعا البخل على المشروع بالوقت والتطوير والشح عند النجاح فلا يقدم للمجتمع ما يستحق لمساعدته على النجاح. وخامسا عدم الاعتراف بالخطأ والتعلم منه. وسادسا عدم تحويل الفكرة إلى ماركة ترسخ في عقول الجمهور المستهدف. وسابعا وهي لب الموضوع وتتمثل في عدم الصبر، وهي القاعدة الدينية التي بشر بها الله سبحانه وتعالى للصابرين.
عالم الاقتصاد المعرفي سلسلة من النجاح القادم لشبابنا وهو مسؤولية جماعية تبدأ من البيئة الداخلية في المنزل ومن ثم مناهج الدراسة وتنتهي بالاحتفاء الإعلامي ونشر نماذج النجاح. وفيما يبدو أن الفتيات أكثر صبرا من الفتيان وأخشى انتقال فكر العضل الجسدي إلى نوع جديد من العضل الإبداعي. وسأحاول الحديث في مقال آخر عن سرقة الوظائف الرقمية من فتياتنا لأسباب كثيرة. ولكن المهم ان نحرص على شبابنا لكي يصبح أكثر إنتاجا بدلا من أن يظل لسن الثلاثين وهو يأخذ مصروفه من الأهل.