قضية في كتاب.. إسرائيل في حوض النيل


المصدر : جريدة الأهرام
كثيرا كانت أغلب دول حوض النيل من الدول التي لا تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي‏,‏ فضلا عن امتلاكها لثروات اقتصادية‏,‏ مما جذب إليها الأطماع الصهيونية حيث حرصت الحركة الصهيونية ومنذ إقامة كيانهم المغتصب إسرائيل في فلسطين في عام‏1948 علي وضع استراتيجية بعيدة المدي تجاه دول حوض النيل‏,‏ تهدف للسيطرة علي دول الحوض‏.


 ومن ثم تهديد الأمن القومي العربي, لضمان الأمن الإسرائيلي انطلاقا من مبدأ شد وبتر الأطراف الذي يعتبر الهدف الأساسي والرئيسي للاستراتيجية الإسرائيلية لتطويق واختراق الأمن القومي العربي, واعتبار المنطقة مجالا حيويا لها.
ويقدم هذا الكتاب دراسة متعمقة حول تلك الاستراتيجية وأبعادها والأهداف التي ترمي إليها والوسائل التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق تلك الأهداف سواء كانت وسائل سياسية أو دبلوماسية أو عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية أو إعلامية, خاصة أنها بدأت بالفعل في جني ثمارها منذ فترة طويلة في ظل غياب عربي مصري عن إفريقيا, متتبعا مراحل تطور الاستراتيجية الإسرائيلية حيال دول الحوض منذ انعقاد مؤتمر بازل بسويسرا عام1897 إلي الوقت الحاضر.
يكشف الكتاب كيف بدأت التوجهات الصهيونية حيال دول حوض النيل في الفترة التي سبقت إقامة إسرائيل عام1948 حيث كان هناك اهتمام صهيوني بالاستيطان في المناطق المهمة والقريبة من فلسطين والتي كان من ضمنها الأراضي الكينية لأهميتها الاستراتيجية كممر لإفريقيا كما كانت هناك خطط لزعماء الصهيونية لاستعمار الكونغو كاستعمار إضافي احتياطي يمكنه تأمين ركيزة للدولة الإسرائيلية واستمر هذا الاهتمام حتي احتلال اسرائيل لشبة جزيرة سيناء حيث حرصت علي إقامة علاقات دبلوماسية وتوثيق الروابط مع عدد من الدول الإفريقية غير العربية ومن بينها دول حوض النيل من أجل إضعاف مصر بالأساس والتي كانت تقود في ذلك الوقت موجة قومية تحررية من أي سيطرة أجنبية وتسعي لبناء قطب عربي قومي موسع.
إلا أنه سرعان ما أصاب العلاقات الإفريقية الإسرائيلية قدر من الجمود والتباعد لأسباب عدة منها تقارب إسرائيل من الدول التي اعتبرتها دول إفريقيا دولا استعمارية تعارض الحركات التحررية بها فضلا عن التقارب المصري الإفريقي في عهد جمال عبدالناصر, فما كان من إسرائيل إلا أن حاولت النفاذ إلي دول مثلت عمقا استراتيجيا للأمة العربية مثل دعمها لإثيوبيا ودعمها لاحتلال أراضي ارتيريا العربية كما اعتمدت علي استراتيجية الحرب بالوكالة عبر دفع الأطراف الإقليمية في دول حوض النيل للمواجهة والصراع المسلح لمد نفوذها وهيمنتها من جهة ومن جهة آخري إثارة الخلافات بين تلك الدول وبين دول الجوار العربي لمنع قيام أي تكتل عربي إفريقي كما سعت لدعم قبائل التوتسي في غزوها لمنطقة البحيرات الكبري كي تبسط نفوذها علي الدول الواقعة بين نهري جنوبي أثيوبيا والكونغو. ويشير الكتاب إلي أن تلك المساعي تأتي في ظل مشروعها الاستعماري الصهيوني باحتواء إفريقيا كلها والسيطرة علي البحر الأحمر والممرات المائية به وتحقيق حلم الدولة اليهودية الكبري من النيل للفرات والتي لم تخف معه طمعها في مياه النيل منذ اقترح تيودور هرتزل في عام1903 نقل جزء من مياه النيل إلي صحراء النقب وما تلاه من مشروعات لمهندسين إسرائيليين برزت مع منتصف السبعينات من القرن الماضي لاستغلال مياة النيل, وذلك لمعالجة عجز المياه بإسرائيل وكذلك لاستخدام مياه النيل كوسيلة ضغط سياسي علي مصر والسودان لإبعادهما عن مساندة القضايا العربية المصيرية وفتح المجال أمام تأمين حياة لمليون يهودي جدد حول العالم تطمح في استقبالهم في الأعوام القليلة المقبلة.
وعلي الجانب الاقتصادي يوضح كيف سعت إسرائيل لتعزيز نفوذها الاقتصادي عبر إنجاز وتمويل عدة مشاريع زراعية مثلت انطلاقة لها للسيطرة علي أهم القطاعات الاقتصادية في دول حوض النيل وكذلك زيادة صادراتها إلي الأسواق الإفريقية خاصة في مجال تصدير التكنولوجيا ومنتجات صناعة الأسلحة الإسرائيلية وتصدير العمالة الفنية الإسرائيلية في ظل معاناة دول حوض النيل من نقص تلك العمالة المدربة وشن الحروب الاقتصادية ضد المنتجات العربية خاصة المصرية في الأسواق الإفريقية مما يسهل فرض حالة من التبعية الاقتصادية لإسرائيل بتلك الدول فضلا عن تأمين حصول إسرائيل علي الثروات الهائلة التي تتميز بها تلك الدول مثل الغاز والنفط في نيجيريا وغينيا بالإضافة إلي إقامة مشروعات مائية في دول منابع النيل بهدف تقليل حصة مصر والسودان من مياة النيل.
تأليف: مهند النداوي
صدر عن: دار العربي للنشر والتوزيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق