تنمية ذكاء الطفل - طارق الحبيب


ما هو الذكاء وكيف يمكن أن يقاس؟ هناك مقاييس نفسية متعددة لقياس الذكاء، منها مقياس ويكسلر للأطفال، ومقياس ستامفورد بينيه وغيرها.

الذكاء ينمو تدريجيا حتى يصل الطفل إلى سن الخامسة عشرة، ثم يبدأ نموه يقل تدريجيا ويتكامل مع الثامنة عشرة، بعد ذلك لا يزداد ذكاء الإنسان، إنما يستمر في تكوين خبرات حياتية تعطيه طرقا تفكيرية جديدة، أما الذكاء ذاته فلا يتغير بعد الثامنة عشرة.

 السؤال الذي يبحث له الكثير من الآباء عن إجابة: كيف أنمي ذكاء طفلي؟ هل من الممكن أن ينمى ذكاء الطفل؟، نحن لا ننمي ذكاء الطفل بمقدار ما نفتح المجال لذكائه الطبيعي أن ينمو بدلا من أن نكبته.

إن من الوسائل التي تفتح المجال أمام ذكاء الطفل أن ينمو بحرية اللعب الجماعي، لأن اللعب الفردي لا ينمي الذكاء بقدر ما ينميه لعب الطفل مع مجموعات مختلفة.

أفرح حينما أخرج للشارع أحيانا وأشاهد الحدائق المكشوفة، وأجد أسرا مختلفة يلعب أطفالها مع بعضهم البعض، هذا اللعب ينمي ذكاء الطفل، لأن كل طفل يحتك به طفلك لديه شيء لا يمتلكه طفلك، فترى الطفل يستنسخ كربونيا كل ما يراه.
قد يحتج البعض على هذه الطريقة التربوية ويقول إن الطفل ربما يستنسخ العادات السيئة، وهنا يأتي دور الوالدين، فعندما يرجعان بالطفل إلى المنزل يجب أن يمحصا ما اكتسبه من عادات، فما كان جيدا شجعوه عليه وما كان سيئا صرفوه عنه، لأنك من الصعب أن تجد النقي المنقى من الناس.

إذاً فانفتاح الطفل على الجيران والأقارب والآخرين عموما، ووجود وسائل اللعب الجماعية أو التفاعلية حتى لو مع التلفزيون على سبيل المثال هي من وسائل تنمية الذكاء لدى الطفل.

 من وسائل تنمية الذكاء عند الأطفال رواية القصص له حتى لو كانت خرافية، لأنها تمد الخيال عند الطفل، فالأطفال ما بين سن الرابعة إلى سن الخامسة ينشط لديهم الخيال العلمي، هذا الخيال هو لغة الكذب، فيمارس الطفل الكذب في هذه الفترة، ويعتبر الكذب هنا جزءًا من نموه الطبيعي.
هذا الكذب الذي يمارسه الطفل بين الرابعة والخامسة يدعوه إلى خيال أكبر وإلى انطلاق أكبر، لأنه انتقل من لغة الاعتماد على الوالدين إلى الاعتماد على ذاته، هذه الفترة يجب أن تُستثمر في الخيال العلمي والقصص الأسطورية والشعبية وغيرها من الأمور التي تُسرد للأطفال، لأنها توسع مداركهم فتربط ماضيهم بحاضرهم.

إن القصص تفتح عقل الطفل لاستقبال معلومات أكبر، أما الطفل الذي لا يسمع القصص ولا يجلس في المجالس ولا يحتك مع أطفال في مناطق مختلفة لن ينمو عقله إلا بشكل محدود، نحن نقص الحكايا على أولادنا كي يناموا أو لنرفع درجة القربى بيننا وبينهم، لكن لو علمنا أنها ترفع مستوى الذكاء لأدركنا أن لها فائدة كبرى لا تقل عن الكثير من الوسائل التربوية.
ومن الأمور الأخرى التي يجب أن نفطن لها في فتح آفاق عقل الطفل وتنمية ذكائه: الرسم والزخرفة والمسرحيات وأنشطة المدرسة والرياضة البدنية.

إن الرسم يدرب الطفل على الدقة والاهتمام بتفاصيل الأمور ويساعد على رفع درجة ذكائه، الرسم فيه تسلية مع تركيز انتباه وهذا مطلب أساسي، لأن الطفل حينما يكبر ويخوض معترك الحياة تنعكس هذه الوسائل على طبيعة شخصيته أثناء قيامه بمختلف أدواره الحياتية، ألا تلاحظون أن بعض الأشخاص يكون مشدودا وهو يعمل؟، وبعضهم يكون مسترخيا وإنتاجيا ونشيطا ودائم الابتسامة، الأخير هو ذلك الطفل الذي دُرب على الرسم وعلى مهارات متعددة علمته كيف يكون مهنيا ومنتجا باسترخاء.

 الرسم فيه تميز للشخصية وفيه إبداع وتجلي، فهو يؤثر في ثقة الطفل بنفسه ويؤثر في قدرته على التعبير، ويمكن من خلاله أن نستكشف شخصيات الأطفال ولذلك هناك ما يسمى العلاج بالرسم.

ومن الأشياء التي تنمي ذكاء الطفل العمل المسرحي، فهناك ما يسمى لعب الأدوار وهي وسيلة علاجية، حيث يلعب بعض الناس دورا عكس حقيقته فإذا كان خجولا لعب دور البطل، فالطفل هنا لن يتضايق ولن يتردد من دور البطل ولن يشعر أنه قد يرتبك أمام الناس، لأنه يمثل فحسب ولا يمارس ذلك في الحقيقة، فالتمرين على لعب الأدوار وسيلة جيدة يتم استخدامها في العلاج النفسي وتسمى فنيات لعب الأدوار.

 الأنشطة المدرسية كذلك بتنوعها تنمي ذكاء الطفل، وترفع من مستواه الدراسي، فإذا شارك الطفل في الأنشطة المدرسية يشعر بضيق الوقت ويسعى إلى المذاكرة ولكن إن لم يشارك بالأنشطة المدرسية وجد عنده وقتا كبيرا وبدأ بالتسويف.
 إذاً هناك وسائل عديدة ومتنوعة لتنمية الذكاء منها القصص والخيال العلمي واللعب والنشاط المسرحي والأنشطة المدرسية وفنون الرسم والزخرفة، إضافة لأي فن أو هواية يحبها الطفل، وإن لم تكن هذه المحبوبات أساسية في منزلك وفرها لأنها ستكون وسيلة إما لتنمية ذكاء الطفل أو لرفع مستوى ثقته بنفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق