كيف أتغير ؟؟ طارق الحبيب


كثير من الناس يبدأ بالتغيير دون أن يفكر في وضع آليات واستراتيجيات، إن للتغيير ركائز يرتكز عليها وهي بمثابة القواعد والمنطلقات للعملية التغييرية، ومن هذه الركائز: ألا تعتقد أنك محدود القدرات.

إن إشكالية البعض تكمن في اعتقاده أنه محدود القدرات، ولذلك يجعل سقف توقعاته منخفضا، والنتيجة أنه لن يتغير كثيرا، وعلى العكس من ذلك من يجعل سقف توقعاته أعلى مما يستطيع، لأنه ينطلق من الانفعالات والطموح لا من الحقيقة والواقع، وهذا النوع ينطلق ويتغير لكنه لا يشعر بالتغيير، لأنه يقارن ما حققه بمستوى سقف توقعاته العالية.

 إن بعض الساعين إلى التغيير على المستوى الشخصي والذاتي لم يستكشفوا ميولاتهم بعد، ومعاييرهم واهتماماتهم الحياتية تنصب على أمور سطحية ليست ذات بال، وهؤلاء يدورون حول أنفسهم لأنهم لم يرسموا خطا واضحا للتغيير المنشود.

 مشكلة البعض أنه يعيش انفعالات التغيير ومشاعره، لكنه لا يحيا حقيقته وخطاه العملية، ولو أنه قلب مشاعره وانفعالاته إلى مشروع عقلي وخطط قائمة على ظروف زمانية ومكانية تتناسب مع قدراته وظروفه الاجتماعية لعرف مذاق التغيير ولمس أثره.

 ربما لا تستطيع تغيير الآخرين لكنك تستطيع أن توفر لهم البيئة التي يتغيرون من خلالها، حتى دور الأنبياء عليهم السلام كان يركز على خَلق البيئة، (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).

 إن دورك التغييري لا يعتمد على عدد الأتباع (فجعَل يمرُّ النبيُّ معَه الرجلُ، والنبيُّ معَه الرجلانِ، والنبيُّ معَه الرَّهطُ، والنبيُّ ليس معَه أحدٌ)، لم يكن دور الأنبياء عليهم السلام أن يُكرهوا الناس على اعتناق الدين، لقد كان دورهم أن يوفروا البيئة المناسبة لعبادة الله بأخلاقهم القويمة ودعوتهم الجيدة.

يجب أن تتأكد حقيقةً أنك مستعد للتغيير ولست تتمناه فقط، إن الفرق شاسع ما بين تمني التغيير والاستعداد له، فلو جئنا إلى الطلاب المقبلين على الجامعة وسألناهم لنعرف من منهم يتمنى أن يدرس تخصص الطب؟ سنجد أكثرهم يريدون أن يكونوا أطباء، ولو سألناهم من يستطيع السهر 7 سنوات عجاف لدراسة التخصص لسقط الكثيرون من مجموعة (التمني) وبقي القليلون ضمن مجموعة (الاستعداد)، وقس على ذلك خطوة الإقلاع عن التدخين واستعداد الإنسان لقطع التدخين مباشرة وبشكل صارم، يبقى الاستعداد الحقيقي هو ركيزة التغيير الأولى، وتبقى الأماني رأسمال المفلسين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق