اكتشافان - ﻓﮭﻣﻲ ھوﯾدي

اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻛﺗﺷﻔت ھذا اﻷﺳﺑوع أﻣرﯾن،
أوﻟﮭﻣﺎ أن ﻓﻲ اﻟﺑﻠد ﺷﺑﺎﺑﺎ ﺣﻣﻠوا اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ أﻛﺗﺎﻓﮭم وﻟﻛن اﻟﺛورة ﻧﺑذﺗﮭم وﻟم ﺗﻌﺑر ﻋﻣﺎ ﺧرﺟوا ﻣن أﺟﻠﮫ.
اﻷﻣر اﻟﺛﺎﻧﻲ أن اﻹﻋﻼم اﻧﻔﻠت ﻋﯾﺎرهواﻧﮫ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ «ﻣﯾﺛﺎق ﺷرف» ﯾﺿﺑط ﻣﺳﺎره وﯾﻘﱢوم إﻋوﺟﺎﺟﮫ.

أﻣﺎ إﻣﺎﻣﺔ اﻟﻔرﯾق اﻟﺳﯾﺳﻲ واﻟﺗدﻟﯾل اﻟﻔﻘﮭﻲ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ وﻟﻲ اﻷﻣر اﻟﺷرﻋﻲ.
ﻓﻠﯾس اﻛﺗﺷﺎﻓﺎ ﺟدﯾدا ﻷﻧﮫ ﺛﺑت ﻗﺑل ﻋدة أﺳﺎﺑﯾﻊ، وﻣﺎ ﻗﯾل ﻓﻲ ﺻدده ھذا اﻷﺳﺑوع ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن ﻣن وﺻف ﺑﺄﻧﮫ ﻣﻧﺳق اﻟﺟﺑﮭﺔ اﻟوﺳطﯾﺔ ﻟﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻌﻧف اﻟدﯾﻧﻲ واﻟﻐﻠو اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ(ﻧﺷرﺗﮫ اﻟﻣﺻري اﻟﯾوم أﻣس 22/1) ﻓﻘد ﻛﺎن ﺗﺑﻠﯾﻐﺎ ﻟﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﺳﺑق ان َﺑﻠَﻐﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل.

ﻛﺎن ﺟدﯾدا اﺟﺗﻣﺎع رﺋﯾس اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺷﺎر ﻋدﻟﻲ ﻣﻧﺻور ﻣﻊ ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻟﻠﺷﺑﺎب ذﻛرت ﺻﺣف أﻣس اﻧﮭم ﯾﻧﺗﺳﺑون إﻟﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﺗﯾﺎرات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.

وﺣﺳب اﻟﻛﻼم اﻟﻣﻧﺷور ﻓﺈن اﻟرﺋﯾس ﺗﺣدث إﻟﯾﮭم ﻋن ﻓﻛرة ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻔوﺿﯾﺔ اﻟﺷﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﺗرﺟﻣﺔ ﻟﻣﺎ ﻗررﺗﮫ ﺧرﯾطﺔ اﻟطرﯾق اﻟﺗﻲ أﻋﻠﻧت ﻗﺑل ﺳﺑﻌﺔ أﺷﮭر،
ودﻋت إﻟﻰ اﺗﺧﺎذ اﻹﺟراءات اﻟﺗﻧﻔﯾذﯾﺔ ﻟﺗﻣﻛﯾن ودﻣﺞ اﻟﺷﺑﺎب ﻓﻲ ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟدوﻟﺔ، ﻟﻛﻲ ﯾﻛوﻧوا ﺷرﻛﺎء ﻓﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﻘرار اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ.

وﻓﻲ ﺗﻌﺑﯾره ﻋن اﻻﻋﺗزاز ﺑﮭم ﻓﺈن اﻟﻣﺳﺗﺷﺎر ﻣﻧﺻور ذﻛر أن اﻟﺷﺑﺎب ھم اﻟرﻛﯾزة اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻧﮭﺿﺔ واﻟﺗﻘدم ﻓﻲ ﻣﺻر.

ﺑﺎﻟﺗوازي ﻣﻊ ﻣﺎ ﺳﺑق ﻋﻘد وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﻠواء ﻣﺣﻣد إﺑراھﯾم اﺟﺗﻣﺎﻋﺎ ﻣﻊ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﺷﺑﺎﺑﯾﺔ أﺧرى ﺿﻣت ﻋﻧﺎﺻر ﻣﺛﻠت ﺑﻌض اﻷﺣزاب واﻟﺟﻣﺎﻋﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﺗﺣﺎدات اﻟطﻼﺑﯾﺔ.

وﻗد ﻧﺷرت ﺟرﯾدة «اﻟوطن» ﺗﻔﺎﺻﯾل اﻟﻠﻘﺎء ﻧﻘﻼ ﻋن ﺑﻌض اﻟذﯾن ﺷﺎرﻛوا ﻓﯾﮫ.
ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺛﻼ ان اﻟوزﯾر ﻗدم إﻟﯾﮭم اﻋﺗذارا ﻋن اﻟﺗﺟﺎوزات اﻟﺗﻲ ارﺗﻛﺑﮭﺎ اﻟﺟﮭﺎز اﻷﻣﻧﻲ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﺧﻼل اﻟﻔﺗرة اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ، وﻗد وﺻﻔﮭﺎ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺗﺟﺎوزات ﻓردﯾﺔ وان اﻟﺿﺑﺎط اﻟذﯾن ﯾرﺗﻛﺑون أﺧطﺎء ﯾﺗم إﻋﺎدة ﺗﺄھﯾﻠﮭم، ﻻﻓﺗﺎ اﻻﻧﺗﺑﺎه إﻟﻰ وﺟود ﻓرد ﻣن إدارة ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟوزارة اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻗﺳم ﻟﻠﺷرطﺔ.
 وھو ﯾﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﯾق ﻣﻌﺎﯾﯾر ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻣواطﻧﯾن.

أﺿﺎف اﻟوزﯾر اﻧﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺣﺎﻻت اﻟﻘﺑض اﻟﻌﺷواﺋﻲ ﻓﺈﻧﮫ ﻣن اﻟوارد ان ﯾﻠﻘﻲ اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﺷﺑﺎب ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭم ﺑﺎﻹﺧوان أو ﺑﺎﻟﻌﻧف،
 وﻗد طﻠب ﻣن اﻟﺣﺿور ﺗﻘدﯾم ﻗﺎﺋﻣﺔ ﺑﺄﺳﻣﺎء اﻟذﯾن ﺗم اﻟﻘﺑض ﻋﻠﯾﮭم ﻓﻲ اﻷﺣداث اﻷﺧﯾرة وﻟم ﺗﻛن ﻟﮭم ﺻﻠﺔ ﺑﺄﺣداث اﻟﻌﻧف أو ﺗﻌطﯾل اﻟدراﺳﺔ.

ﻓﻲ ھذا اﻟﺻدد واﻓق اﻟوزﯾر ﻋﻠﻰ ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ ﻟﺣل اﻷزﻣﺎت ﺗﻛون ﻣوﺟودة أﺛﻧﺎء اﺷﺗﻌﺎل اﻟﻣظﺎھرات ﻟﻛﻲ ﯾﻛون ﻟﮭﺎ دور ﻓﻲ اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻷﻣن دون اﻹﺿرار ﺑﺣق اﻟﺗظﺎھر وﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر.

 ﻛﻣﺎ واﻓق ﻋﻠﻰ ﺗﻣﻛﯾن وﻓد ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ﻣن زﯾﺎرة اﺛﻧﯾن ﻣن زﻣﻼﺋﮭم اﻟﻣﻌﺗﻘﻠﯾن (أﺣﻣد دوﻣﺔ وأﺣﻣد ﻣﺎھر)، دون اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ اﺳم ﺛﺎﻟﺛﮭم ﻋﻼء ﻋﺑداﻟﻔﺗﺎح.

اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﮭﻣﺔ اﻟﺗﻲ أﺛﯾرت ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺣﺳﺑﻣﺎ ذﻛر ﻣﻣﺛل اﻟﺣزب اﻟﻣﺻري اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،
 أن وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻗﺎل اﻧﮫ ﻛﺎن راﻓﺿﺎ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗظﺎھر،
وان اﻟﻘﺎﻧون ﺻدر ﻓﻲ اﻟﺗوﻗﯾت اﻟﺧطﺄ. وان أﺣداث اﻟﺷورى اﻟﺗﻲ أﻋﻘﺑﺗﮫ ﻛﺎﻧت اﻟﺻدام اﻟوﺣﯾد اﻟذي ﺣدث ﻣﻊ ﺷﺑﺎب اﻟﺛورة.
وﻛﺎن ذﻟك ﺑدوره ﺧطﺄ ﻏﯾر ﻣﻘﺻود ﺗم ﺗدارﻛﮫ وﻟم ﯾﺗﻛرر ﻣرة أﺧرى.
وأﺷﺎر ﻓﻲ ھذا اﻟﺳﯾﺎق إﻟﻰ أن
اﻟﺿﺑﺎط اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋن إﻟﻘﺎء اﻟﺑﻧﺎت ﻓﻲ اﻟﺻﺣراء ﺗﻣت ﻣﻌﺎﻗﺑﺗﮭم.

اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ان وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ أﻛد ﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﺷﺑﺎب ان وزارة اﻟداﺧﻠﯾﺔ أو أﯾﺎ ﻣن أﺟﮭزة اﻟدوﻟﺔ ﻟن ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻌودة اﻟﻧظﺎﻣﯾن اﻟﺳﺎﺑق واﻷﺳﺑق.
 وان ھذه رﺳﺎﻟﺔ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻣﺳﺗﻘرة ﻓﻲ أذھﺎن اﻟﺟﻣﯾﻊ.

اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻼم اﻟوزﯾر اﻧﮫ ﺧﺎطب ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻷﺣزاب وﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣؤﯾدة ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ.

ﻣن ﺛم ﻓﺈﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻻﻋﺗذار ﻋن ﺗﺟﺎوزات اﻟﺷرطﺔ ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺄن اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻧﻛرت داﺋﻣﺎ أن ھﻧﺎك
ﺗﺟﺎوزات،
ﻛﻣﺎ اﻧﮫ ﻟم ﯾﻛن ﻣﺿطرا ﻹﺧﺑﺎرھم ﺑﺄﻧﮫ ﻋﺎرض ﻗﺎﻧون اﻟﺗظﺎھر.
وﻻ ﻟطﻣﺄﻧﺗﮭم إﻟﻰ أن ﻋودة اﻟﻧظﺎم اﻟﺳﺎﺑق ﻣﺳﺗﺑﻌدة.

ﻟذﻟك ﻓﺄﻏﻠب اﻟظن أﻧﮫ أراد أن ﯾوﺟﮫ ﻣن ﺧﻼﻟﮭم رﺳﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﺟﻣوع ﺷﺑﺎب اﻟﺛورة اﻟذﯾن ﻋﺑروا ﻋن اﺳﺗﯾﺎﺋﮭم وﻏﺿﺑﮭم ﺑوﺳﺎﺋل ﻋدة، ﻛﺎن ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ ﺗﺣدي ﻗﺎﻧون اﻟﺗظﺎھر واﻟﺗﻘﺎﻋس ﻋن اﻟﻣﺷﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻔﺗﺎء ﻋﻠﻰ اﻟدﺳﺗور.

ﻗﺿﯾﺔ ﻣﯾﺛﺎق اﻟﺷرف اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺗﻲ ﺟرت اﻹﺷﺎرة إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﺧرﯾطﺔ اﻟطرﯾق وﻧﺎﻣت ﺳﺑﻌﺔ أﺷﮭر ﺛم اﺳﺗﯾﻘظت ھذا اﻷﺳﺑوع واﻋﺗﺑرھﺎ ﺑﯾﺎن رﺋﯾس اﻟوزراء «ﺿرورة ﻣﻠﺣﺔ»، وﺛﯾﻘﺔ اﻟﺻﻠﺔ ﺑﺗداﻋﯾﺎت
ﻓﺿﯾﺣﺔ اﻟﺗﺳﺟﯾﻼت اﻟﺗﻲ أرﯾد ﺑﮭﺎ ﺗﺷوﯾﮫ ﺷﺑﺎب اﻟﺛورة وأﺳﮭﻣت ﻓﻲ إﻏﺿﺎﺑﮭم،
ذﻟك أن اﻟﺳﻠطﺔ أرادت أن ﺗﻐﺳل ﯾدھﺎ ﻣن اﻟﻔﺿﯾﺣﺔ،
رﻏم أن أﺟﮭزﺗﮭﺎ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺳﺟﻠت وھﻲ اﻟﺗﻲ ﺳرﺑت، ﻓﺄرادت أن ﺗﻐطﯾﮭﺎ ﺑﺣﻛﺎﯾﺔ ﻣﯾﺛﺎق اﻟﺷرف، وﻛﺄن إﺻدار اﻟﻣﯾﺛﺎق ﺳوف ﯾﺣول دون ﺗﻛرار اﻟﻔﺿﯾﺣﺔ، اﻷﻣر اﻟذي ﻣن ﺷﺄﻧﮫ أن ﯾوﺟﮫ رﺳﺎﻟﺔ ﻣﺻﺎﻟﺣﺔ وطﻣﺄﻧﺔ إﻟﻰ اﻟﺷﺑﺎب.

ظﮭور اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﯾن ھذا اﻷﺳﺑوع ﻟم ﯾﻛن ﻣﺻﺎدﻓﺔ ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل،
وﻟﻛﻧﮫ ﯾﻔﮭم ﺑﺣﺳﺑﺎﻧﮫ اﺳﺗﻣﺎﻟﺔ ﻟﻠﺷﺑﺎب وﺗﺳﻛﯾﻧﺎ ﻟﮭم ﻗﺑل ﺣﻠول اﻟذﻛرى اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻟﻠﺛورة ﯾوم اﻟﺳﺑت اﻟﻣﻘﺑل  (25 ﯾﻧﺎﯾر) ﺧﺻوﺻﺎ أن ﺑﻌﺿﮭم ﺑدا ﻣﻌﻠﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت اﻟدراﺳﺔ واﻻﻣﺗﺣﺎﻧﺎت ﻓﯾﮭﺎ ﺗﺗم ﺗﺣت ﺣراﺳﺔ اﻟﺷرطﺔ،
وﺗﺣوﻟت أﻓﻧﯾﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﻌﺳﻛرات ﻟﻸﻣن اﻟﻣرﻛزي.
وﻗد ﺗم ﺣل اﻹﺷﻛﺎل ﻣؤﻗﺗﺎ ﺑﻣﺿﺎﻋﻔﺔ ﻣدة إﺟﺎزة ﻧﺻف اﻟﺳﻧﺔ ﺑﺣﯾث أﺻﺑﺣت ﺷﮭرا وﻟﯾس 15 ﯾوﻣﺎ ﻓﻘط،
وﺑﻘرار إﺧﻼء اﻟﻣدن اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻣن ﺳﺎﻛﻧﯾﮭﺎ ﺧﻼل اﻟﻌطﻠﺔ.

اﻟﻼﻓت ﻟﻠﻧظر ان اﻟﺗﺻرﯾﺣﺎت اﻟرﺳﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑررت اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﯾن ﺑﺄﻧﮭﻣﺎ ﻣن اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﺎت ﺧرﯾطﺔ اﻟطرﯾق ﺗﺟﺎھﻠت اﺳﺗﺣﻘﺎﻗﺎ ﺛﺎﻟﺛﺎ ﻻ ﯾﻘل أھﻣﯾﺔ أوردﺗﮫ اﻟﺧرﯾطﺔ، اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ ﻋﻠﯾﺎ ﻟﻠﻣﺻﺎﻟﺣﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ،

وﻻ ﺗﻔﺳﯾر ﻟذﻟك ﺳوى ان ﻗﻠﻘﮭﺎ ﻣن ﻏﺿب اﻟﺷﺑﺎب أﻛﺑر، ﻓﻲ ﺣﯾن أﻧﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟراھن ﻟﯾﺳت راﻏﺑﺔ وﻟﯾﺳت ﻣﺿطرة ﻟﻠوﻓﺎء ﺑﻣطﻠب اﻟﻣﺻﺎﻟﺣﺔ.
وﻻ أﺳﺗﺑﻌد واﻷﻣر ﻛذﻟك ان ﺗﺳﻘط ﻣن اﻟذاﻛرة ﺣﻛﺎﯾﺔ ﻣﻔوﺿﯾﺔ اﻟﺷﺑﺎب وﻣﯾﺛﺎق اﻟﺷرف

إذا ﻣر 25 ﯾﻧﺎﯾر ﻋﻠﻰ ﺧﯾر ﻟﯾﻌود اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎن إﻟﻰ اﻟواﺟﮭﺔ ﻓﻲ أي ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ أﺧرى ﻗﺎدﻣﺔ، ﻗﺑل اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟرﺋﺎﺳﯾﺔ ﻣﺛﻼ.

ﻓﯾﻠم ﻟﯾس ﺟدﯾدا - ﻓﮭﻣﻲ ھوﯾدي

اﻟﻔﯾﻠم ﻟﯾس ﺟدﯾدا،
 ﻛﺎن ذﻟك ﺗﻌﻠﯾق اﻷدﯾب اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ ﺑﻌدﻣﺎ ﻗﺿﻰ أﺳﺑوﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھرة، ﺣرص ﺧﻼﻟﮫ
ﻋﻠﻰ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻣﺧﺗﻠف وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم اﻟﻣﻘروءة واﻟﻣرﺋﯾﺔ.

وﺣﺳب ﺗﻌﺑﯾره ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ﻛل ﺻﺑﺎح ﯾﺗﺄﻛد إﻟﯾﮫ  ﻣﻣﺎ ﯾﺳﻣﻊ وﯾﻘرأ أن اﻟﻔﯾﻠم اﻟﻣﺻري ﻗدﯾم، وأﻧﮫ رآه ﺑﺄم ﻋﯾﻧﯾﮫ ﻗﺑل ﻋدة ﺳﻧوات ﻓﻲ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ.

ﻓﻲ رده ﻋﻠﻰ ﺗﺳﺎؤﻟﻲ، روى اﻟﻘﺻﺔ اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ:

ﻓﻲ ﻋﺎم 2005 ﺷﮭدت ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ اﻧﻘﻼﺑﺎ ﻋﻠﻰ اﻟرﺋﯾس ﻣﻌﺎوﯾﺔ وﻟد اﻟطﺎﯾﻊ اﻟذي ﻛﺎن ﻗد أﻣﺿﻰ 21
ﻋﺎﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﻠطﺔ، ﻻ ﯾذﻛر ﻟﮫ اﻟﻧﺎس ﻓﯾﮭﺎ ﺳوى أﻧﮫ ﻛﺎن ﺣﺎﻛﻣﺎ ﻣﺳﺗﺑدا وﺷدﯾد اﻟوﻻء ﻟﻸﻣرﯾﻛﺎن،

ﻟدرﺟﺔ أﻧﮫ أﻋﻠن اﻻﻋﺗراف ﺑﺈﺳراﺋﯾل، ﻟﻛن اﻻﻧﻘﻼب اﻟذي ﻗﺎده ﻋﻘﯾد ﺑﺎﻟﺟﯾش (وﻟد ﻣﺣﻣد ﻓﺎل) ﺷﻛل  ﻣﺟﻠﺳﺎ ﻋﺳﻛرﯾﺎ ﻹدارة اﻟﺑﻠد،
وﺗﻌﮭد ﺑﺗﺳﻠﯾم اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ رﺋﯾس ﻣﻧﺗﺧب ﺧﻼل ﻋﺎﻣﯾن.
وﺑﺎﻟﻔﻌل أﺟرﯾت ﻓﻲ ﻋﺎم 2007 اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻷول ﻣرة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺣﺻﻠت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﻼﻟﮭﺎ ﻋﺎم 1960،
 ﺗﻧﺎﻓس ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺻب 19 ﻣرﺷﺣﺎ ﻓﺎز ﻣﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﺟوﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻟد اﻟﺷﯾﺦ ﻋﺑدﷲ، اﻟذي ﯾﻧﺗﺳب إﻟﻰ أﺳرة ﻣﻌروﻓﺔ ﺑﺎﻟﻌﻠم اﻟدﯾﻧﻲ، إﻻ أﻧﮫ ﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻻﻗﺗﺻﺎد،
اﻷﻣر اﻟذي رﺷﺣﮫ ﻷن ﯾﻛون وزﯾرا ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ وﺧﺑﯾرا دوﻟﯾﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻟﮫ.
وإﻟﻰ ﺟﺎﻧب رﺻﯾده اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ وﺧﺑرﺗﮫ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﺣظﻲ ﺑﺗﺄﯾﯾد ﺑﻌض أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻌﺳﻛري اﻟذي ﯾدﯾر اﻟﺑﻠد، وﻛﺎن ﻓﻲ ﻣﻘدﻣﺔ ھؤﻻء اﻟﻌﻘﯾد ﻣﺣﻣد وﻟد ﻋﺑداﻟﻌزﯾز ﻗﺎﺋد اﻟﺣرس اﻟرﺋﺎﺳﻲ، وﻛﺎن ذﻟك ﺳﺑﺑﺎ ﻓﻲ ﺗوﺛﯾق اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟرﺟﻠﯾن.

وﺑﻌد ﺗﻧﺻﯾﺑﮫ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻣن أﺑرﯾل ﻋﺎم 2007 ﻛﺄول رﺋﯾس ﻣدﻧﻲ ﻣﻧﺗﺧب ازدادت ﺗﻠك اﻟﻌﻼﻗﺔ وﺛوﻗﺎ. ﺣﯾث اﻗﺗرب اﻟﻌﻘﯾد ﻣﺣﻣد وﻟد ﻋﺑداﻟﻌزﯾز أﻛﺛر ﻣن اﻟرﺋﯾس، اﻟذي اطﻣﺄن إﻟﯾﮫ ورﻗﺎه إﻟﻰ رﺗﺑﺔ ﺟﻧرال، وھﻲ أﻋﻠﻰ رﺗﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺟﯾش اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ.
ﻛﻣﺎ ﻋﯾﻧﮫ رﺋﯾﺳﺎ ﻷرﻛﺎن اﻟﺣرس اﻟﺟﻣﮭوري وﺧﱠوﻟﮫ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺻﻼﺣﯾﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈدارة اﻟﺟﯾش، ﻓﻲ ﺣﯾن اﻧﺻرف اﻟرﺋﯾس ﻟﺗدﺑﯾر اﻟﺷؤون اﻟﻣدﻧﯾﺔ.

ﺣﯾن ﺑﺎﺷر اﻟرﺋﯾس اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ ﻣﮭﺎم ﻣﻧﺻﺑﮫ ﻓﺈﻧﮫ اﺗﺑﻊ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻘوى اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﻼد، ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك ﺣزب اﻟﺗﺟﻣﻊ اﻟوطﻧﻲ ﻟﻺﺻﻼح (ﺗواﺻل) اﻟﻣﻌروف ﺑﺗوﺟﮭﮫ اﻹﺳﻼﻣﻲ، وﺣزب اﺗﺣﺎد ﻗوى اﻟﺗﻘدم اﻟﯾﺳﺎري.

اﻷﻣر اﻟذي دﻓﻌﮫ إﻟﻰ إﺷراﻛﮭم ﻓﻲ اﻟﺣﻛوﻣﺔ، إﻻ أن اﻟﻌﺳﻛرﯾﯾن ﻋﺎرﺿوا ﺳﯾﺎﺳﺗﮫ وﺗﺣﻔظوا ﻋﻠﻰ اﻟﺧطوات اﻟﺗﻲ اﺗﺧذھﺎ.
وﻟم ﯾﻛﺗﻔوا ﺑذﻟك وإﻧﻣﺎ ﺑدأوا ﯾﺗﺣرﻛون ﻟﺗﺷﺟﯾﻊ ﻣﻌﺎرﺿﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻘد ﺧطواﺗﮫ،
 واﺳﺗطﺎﻋوا إﺣداث ﺗﻧﺳﯾق ﻣﻊ ﺷﯾوخ اﻟﻌﺷﺎﺋر واﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﻣﻣﺛﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﺑرﻟﻣﺎن وﻗﺎﻣوا ﺑﺗﺣرﯾﺿﮭم ﺿده.

وﺑﻌد ﻣﺿﻲ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﺗوﻟﯾﮫ اﻟﻣﻧﺻب أدرك اﻟرﺋﯾس وﻟد اﻟﺷﯾﺦ ان «اﻟﺟﻧرال» ﻣﺣﻣد وﻟد ﻋﺑداﻟﻌزﯾز ﯾﻘود اﻟﺗﺣﺎﻟف ﺑﯾن اﻟﻌﺳﻛر وﺷﯾوخ اﻟﻘﺑﺎﺋل ﻓﻲ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﻓﺄﺻدر ﻣرﺳوﻣﺎ ﺑﺈﻗﺎﻟﺗﮫ ﻣن ﻣﻧﺻﺑﮫ.

إﻻ أن اﻟﺟﻧرال اﻟذي ﻛﺎن ﻗد ﺳﯾطر ﻋﻠﻰ اﻟﺟﯾش ورﺗب أﻣوره ﻣﻊ ﺑﻌض أﻋﺿﺎء اﻟﺑرﻟﻣﺎن أطﺎح ﺑﺎﻟرﺋﯾس اﻟﻣﻧﺗﺧب ﺑﻌد ﺳﺎﻋﺎت ﻣن إﺻداره ﻣرﺳوم اﻹﻗﺎﻟﺔ (ﻓﻲ ﺷﮭر أﻏﺳطس 2008)،

 وﺷﻛل اﻟﺟﻧرال وﻟد ﻋﺑداﻟﻌزﯾز ﻣﻊ رﻓﯾق ﻟﮫ ھو اﻟﺟﻧرال ﻣﺣﻣود وﻟد اﻟﻐزواﻧﻲ اﻟذي ﻛﺎن ﻣدﯾرا ﻟﻸﻣن اﻟوطﻧﻲ ﻣﺟﻠﺳﺎ ﻋﺳﻛرﯾﺎ ﻹدارة اﻟﺑﻠد ﺿم 11 ﺿﺎﺑطﺎ أطﻠق ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻣﺟﻠس اﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠدوﻟﺔ.

ﻟم ﯾﻧﺗﮫ اﻷﻣر ﻋﻧد ذﻟك اﻟﺣد، ﻓﻘد ﺑدا ﻟﻛﺛﯾرﯾن ان اﻟﺟﻧرال وﻟد ﻋﺑداﻟﻌزﯾز ﻣدﻋوم ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺧﺎﺑرات اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ.
ﺛم إﻧﮫ ﻧدد ﺑﺎﻟرﺋﯾس اﻟﺳﺎﺑق اﻟذي اﺗﮭﻣﮫ ﺑﺄﻧﮫ ﻛﺎن ﺿﻌﯾﻔﺎ أﻣﺎم اﻹرھﺎب اﻷﺻوﻟﻲ، ﺑﻌد ﻣد ﺟﺳوره ﻣﻊ اﻟﺣرﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺣزب «ﺗواﺻل»،
 وﻟﻛﻲ ﯾﻛﺗﺳب اﻟﺗﺄﯾﯾد اﻟﺷﻌﺑﻲ ﻓﺈﻧﮫ أﻟﻐﻰ اﻋﺗراف ﺑﻼده ﺑﺈﺳراﺋﯾل وﻗطﻊ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺑﻠدﯾن.
 إﻻ أن اﻧﻘﻼﺑﮫ ﻗوﺑل ﺑﺎﻟرﻓض ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﻣﺛﻘﻔﯾن اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﯾن اﻟذﯾن ﺷﻛﻠوا ﺟﺑﮭﺔ ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﻣﻘﺎوﻣﺔ إدارﺗﮫ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻟﻠﺑﻠد.

 ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﻓﺈن اﻟدول اﻟﻣﺟﺎورة ﻟم ﺗﻌﺗرف ﺑﺎﻻﻧﻘﻼب، وﻋﻘد اﺟﺗﻣﺎع ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ اﻟﺳﻧﻐﺎﻟﯾﺔ داﻛﺎر ﺷﺎرﻛت ﻓﯾﮫ اﻷﻣم اﻟﻣﺗﺣدة، ﺗﻣت ﻓﯾﮫ اﻟدﻋوة إﻟﻰ إﻧﮭﺎء اﻟﺣﻛم اﻟﻌﺳﻛري وﺗﺷﻛﯾل ﺣﻛوﻣﺔ وﺣدة وطﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ،
وﻓﻲ ﻣواﺟﮭﺔ ﺗﻠك اﻟدﻋوات اﻧطﻠﻘت أﺻوات أﺧرى ﻓﻲ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ -ﻗﺑﻠﯾﺔ وﻋﺷﺎﺋرﯾﺔ- ﺣﺛت اﻟﺟﻧرال ﻋﻠﻰ ﺗرﺷﯾﺢ ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻠرﺋﺎﺳﺔ ﺑدﻋوى ان اﻟﺑﻼد ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ رﺟل ﻗوى ﯾﻠﻣﻠم ﺷﺗﺎﺗﮭﺎ وﯾﻘودھﺎ إﻟﻰ ﺑر اﻷﻣﺎن.
وﻧظم أﻧﺻﺎره ﺣﻣﻠﺔ ﻣﻧﺎﺷدات ﻓﻲ ذﻟك اﻻﺗﺟﺎه اﻧﺗﮭت ﺑﺈﻋﻼن اﻟرﺟل ﺧﻠﻊ زﯾﮫ اﻟﻌﺳﻛري وﺗرﺷﺢ ﻟرﺋﺎﺳﺔ اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ ﺑﻌد ﻋﺎم ﻣن اﻧﻘﻼﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟرﺋﯾس وﻟد ﺳﯾدي اﻟﺷﯾﺦ.

وﻓﻲ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟﺗﻲ أﺟرﯾت ﻓﻲ 18 ﯾوﻟﯾو ﻋﺎم 2009 ﻓﺎز ﺑﻧﺳﺑﺔ 52.58٪ ﻣن اﻷﺻوات، ﻟﻛن اﻟﻣﻌﺎرﺿﺔ اﺗﮭﻣﺗﮫ ﺑﺗزوﯾر اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ وﻋدم اﻋﺗراﻓﮭﺎ ﺑﮭﺎ.
وھو ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ رﺋﯾس اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟﻌﻠﯾﺎ ﻟﻼﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟذي اﺳﺗﻘﺎل ﻣن ﻣﻧﺻﺑﮫ اﺣﺗﺟﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻼﻋب ﻓﻲ ﻓرز اﻷﺻوات وإﻋﻼن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ.

إﻻ أﻧﮫ ﻟم ﯾﺄﺑﮫ ﺑذﻟك اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ ﺗﺄﯾﯾد اﻟﺟﯾش ﻟﮫ، وﺗم ﺗﻧﺻﯾﺑﮫ رﺳﻣﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺧﺎﻣس ﻣن أﻏﺳطس ﻓﻲ
اﻟﻌﺎم ذاﺗﮫ (2009).
وﻣﻧذ ذﻟك اﻟﺣﯾن ﺣﺗﻰ اﻵن وھو ﻗﺎﺑض ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ ﻣورﯾﺗﺎﻧﯾﺎ.

ﺣﯾن ﺳﺄﻟﻧﻲ ﺻﺎﺣﺑﻲ: أﻟﯾس ھذا ھو اﻟﻔﯾﻠم اﻟﻣﻌروض ﻓﻲ ﻣﺻر اﻵن، ﻗﻠت إن اﻟﻔﯾﻠم اﻟﻣورﯾﺗﺎﻧﻲ اﻧﺗﮭﻰ،
ﻟﻛﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻟم ﯾﻧﺗﮫ.

ملفات الأزمة تتحدى الجميع في مصر – فهمي هويدي


لا يلوح سيناريو الانفراج في أفق العام الرابع للثورة المصرية، لأن مختلف الشواهد ترشح شعار «الأزمة» عنوانا رئيسا له.

(1)

لا ينبغي أن يفاجئنا ذلك الادعاء، لأن التاريخ لم يعرف ثورة قامت في بلد ثم تمكنت واستقام لها الأمر خلال سنتين أو ثلاث.

وإذا كانت الثورة على عقود من الاستبداد والفساد وفي بلد بأهمية مصر ومحوريتها فإن طريقها إلى الاستقرار لابد أن تكتنفه مصاعب وعثرات جمة يستغرق التغلب عليها وقتا أطول،

من ثَمَّ فإن المشكلة لا تتمثل في مبدأ وجود الأزمة، لكنها تكمن في الطريق الذي تسلكه الثورة وتبث على مدارجه فخاخ الأزمة وألغامها.

 ثم إن المجتمعات التي تثور على مستبديها لا تعاني فقط من أزمة السلطة الجديدة وأدواتها خصوصا في فترات الانتقال،
لكنها هي ذاتها تظل ضحية للأزمة، لأن النظام المستبد لا يقمع الحريات ولا يستأثر بالسلطة والثروة فحسب، ولكنه أيضا يدمر الخلايا الحية في مجتمعه، وهو يشدد قبضته ويستأصل بدائله.

إذا حاولنا تنزيل هذه الفكرة على الواقع المصري ونحن على بعد أيام قليلة من يوم 25 يناير الذي انطلقت فيه شرارة الثورة قبل ثلاث سنوات.
فسنجد أن السلطة القائمة تواجه أزمة، وأن المجتمع المصري في جملته يعاني أيضا من الأزمة، وأن جماعة الإخوان تعاني بدورها من الأزمة.

ولا تفوتنا في هذا السياق ملاحظة أن الأجواء المخيمة في القاهرة في الوقت الراهن هي أجواء أزمة بامتياز.

ومن يتابع وسائل الإعلام يجد أنها تقود معركة ضارية ضد المخالفين، إذ تتبنى دعوات صريحة إلى الإبادة السياسية. وتقاوم بشراسة فكرة المصالحة الوطنية، في انحياز سافر للقمع والفكر الواحد،

وهي أجواء دعت رئيس نائب القضاة إلى المطالبة بتشكيل مجلس حرب لإدارة البلد، لا لتنميته وإنقاذ اقتصاده ولا لإحداث ثورة في الإدارة أو التعليم، ولكن للقضاء على المخالفين وإسكات أصواتهم، بحسبانهم جميعا إما إرهابيين أو منخرطين في الطابور الخامس.

 ورفع أحد الإعلاميين المعروفين السقف عاليا حين زايد على الجميع وادعى في برنامج تلفزيوني أن ثمة مؤامرة أمريكية لاغتيال الفريق السيسي،
وإن ذلك إذا حدث فسوف يتم قتل كل الأمريكيين حيثما وجدوا كما سيتم اقتحام بيوت أعوانهم في مصر وقتلهم أيضا.

أما الهيستيريا التي اجتاحت بعض الدوائر في مصر إزاء شعار رابعة فإنها تعكس ذلك التوتر بشدة. حيث ما خطر ببال أحد أن يلوح شاب بالشعار لقائد طائرة حربية في أسيوط فيتم الإبلاغ عنه ويلقى القبض عليه.
وأن يحال تلميذ السنة الأولى بثانوية كفر الشيخ إلى التحقيق ويحبس 15 يوما لمجرد أن مدرسه وجد الشعار مرسوما على مسطرة يحملها،
وأن فتاة في كلية طب بنها حرمت من دخول الامتحان لأنهم وجدوا الشعار مطبوعا على قميصها..
إلى آخر تلك الحوادث التي تعيد إلى الأذهان أجواء ممارسات النازية والفاشية في الأزمنة الغابرة.

(2)

في الجانب المتعلق بالسلطة، يفترض بعد إعلان نتائج الاستفتاء على الدستور أن تتوالى استحقاقات إقامة هياكل مؤسسة الحكم، التي على رأسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلا أن أزمة السلطة سوف تتمثل في قدرتها على التعامل مع مجموعة من الملفات الشائكة المرحلة من العام الماضي، والتي تمثل تحديات ثقيلة الوطأة.

 في مقدمتها ما يلي:
 *حسم العلاقة مع الثورة المضادة والدولة العميقة، المتمثلة في أركان النظام القديم وأجهزته وشبكة مصالحه، التي كان لها إسهامها في إسقاط حكم الإخوان، ومن ثم تنتظر حصتها فيما تلا ذلك من خطوات.
خصوصا أن تلك الأطراف مدعومة من القوى الإقليمية التي سارعت إلى مساندة 30 يونيو، انطلاقا من موقفها العدائي لثورة 25 يناير وهو ما يشكل معادلة صعبة للنظام الجديد، الذي يتعذر عليه الجمع بين أهداف ثورة يناير وجماهيرها العريضة، وبين حلفاء 30 يونيو، لأن كلا منهما ينفى الآخر ويعاديه.

• 
تحديد مصير الدولة المدنية والديمقراطية التي قامت لأجلها ثورة 25 يناير.
خصوصا بعدما أرسى الدستور الجديد أساس الدور السياسي للمؤسسة العسكرية من خلال تحصين منصب وزير الدفاع لثماني سنوات مقبلة.

وإذا تأكدت الترجيحات الشائعة في الوقت الراهن، الدالة على ترشح الفريق عبدالفتاح السيسي للرئاسة، فإن أفق عسكرة الدولة سيصبح مفتوحا على مصراعيه،
وفي ظل تنامي دور المؤسسة الأمنية الذي فرضته الظروف الأخيرة، فإن فكرة تأسيس الدولة المدنية ستصبح في خطر شديد.

• 
الجراح المرحلة من عام 2013 تمثل تحديا لا يعرف كيف سيتعامل معه النظام الجديد، ذلك أن ملف تلك الجراح يحفل بعناوين عدة.
فثمة عدد يتراوح بين 1800 و2000 شخص سيقدمون إلى المحاكمات في قضايا مختلفة، وهذه المحاكمات قد تستمر طوال العام، مع ما قد يستصحبها من أصداء في المحيط الاجتماعي،

وإلى جانب هؤلاء فثمة 21 ألف شخص رهن الاعتقال رصدهم موقع ويكي ثورة (المستقل) يتعذر تصور إبقائهم في السجون طوال العام،
وإلى جانب هؤلاء وهؤلاء فإن الموقع سابق الذكر تحدث عن 2665 شخصا قتلوا إضافة إلى 15.913 آخرين أصيبوا خلال الاشتباكات التي استمرت طوال العام وحتى يوم 11 نوفمبر.
وتلك تركة ثقيلة موضوعة على طاولة النظام الجديد ويتعذر تركها معلقة بلا حل.

• 
تمثل الحرب على الإرهاب تحديا آخر.
على الأقل فثمة ثلاث جبهات مرشحة لاستمرار تلك الحرب المفتوحة التي يخشى أن تستنزف طاقة الدولة بغير طائل،
والجبهات الثلاث واحدة منها داخلية ضد عناصر جماعة الإخوان بعد تصنيفها جماعة إرهابية،
والثانية في سيناء حيث تتمركز مجموعات تشكلت وترعرعت في محيطها، ولم تنجح جهود السلطة في القضاء عليها.
 أما الجبهة الثالثة فهي في غزة، التي نقل تقرير وكالة رويترز الذي نشر في 15/1 عن مسؤولين مصريين قولهم إن حرب النظام المصري ضد الإرهاب لن تكتمل إلا بإسقاط نظام حماس القائم في القطاع منذ 6 سنوات.

• 
ثمة ملف آخر له خطورته وأهميته البالغة يتعلق بمستقبل المياه في مصر.
ذلك أن السؤال المطروح على النظام الجديد هو كيفية التعامل مع القضية بعد فشل المحادثات الثلاثية التي جرت أخيرا في الخرطوم جراء تمسك الطرف الإثيوبي بموقفه بشأن سد النهضة.

وللتذكرة فقط فإن عملية بناء السد تمضي بخطى متسارعة، وإنه تم إنجاز 30٪ من مشروعه الذي يفترض أن يكتمل في عام 2017،
وفي حالة اكتماله فإنه سيؤدي إلى خصم ما يبين 12 و14 مليار متر مكعب من حصتها في المياه،
الأمر الذي يترتب عليه فقدانها ما بين 25 و40٪ من إمدادات الكهرباء،
 إضافة إلى بوار ما بين 4 و5 ملايين فدان من الأرض الزراعية تؤدي إلى تشريد ما بين 5 و6 ملايين فلاح.

• 
أما أم الأزمات التي تواجه السلطة فتتمثل في أنها إذا صرفت جهدها في التعامل مع الملفات السابقة فإنه لن يكون بوسعها أن تقدم شيئا لصالح تحقيق الأهداف الأساسية للثورة خصوصا ما تعلق منها بالتنمية البشرية والاقتصادية أو تحقيق العدالة الاجتماعية.

(3)

تجليات الأزمة في الجانب المتعلق بالمجتمع المصري وذلك الذي يخص الإخوان ألخصها فيما يلي:

• 
أزمة المجتمع تتمثل في فراغ ساحته السياسية جراء الضعف الشديد في مؤسساته الشعبية ومنظماته المدنية.
 ذلك أن النظام المستبد لم يدمر بدائله فحسب ولكنه أيضا عمل على اختراق مختلف مؤسساته وإخضاعه لوصايته وسلطانه،
 ينطبق ذلك على المؤسسات التي يفترض القانون استقلالها (السلطة التشريعية والجامعات والقضاء والإعلام)
 أو تلك التي تتشكل بالانتخاب (المجالس المحلية والنقابات العمالية مثلا)
كما ينطبق على التعاونيات باختلاف مجالاتها، الزراعية والإنتاجية والاستهلاكية وغيرها.

حدث ذلك أيضا بالنسبة للأحزاب والمنظمات الحقوقية والنقابات المهنية، التي إذا قاومت الاختراق والتطويع فإنها إما وضعت تحت الحراسة من قبل السلطة أو حوصرت بالقانون أو حتى بغير القانون.

الخلاصة أن نظام الاستبداد قام بتأميم المجال العام، إلا في حالات استثنائية ظلت مؤقتة ولم تؤثر أو تذكر،
 الأمر الذي لم يتح لمختلف مكونات المجتمع المدني أن تنمو بحيث يشتد عودها وتصبح قوى حقيقية قادرة على التعبير عن شرائح المجتمع أو على كبح جماح السلطة،
 وترتب على ذلك أن السلطة أصبحت عنصر القوة الوحيد في المجتمع، خصوصا بعد إقصاء قوى الإسلام السياسي التي لم تنجح تجربتها في الحكم.

وإزاء الضعف الذي استشعرته معظم القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، فإنها حين أرادت أن تتحدى حكم الإخوان وتسد الفراغ المترتب على إزاحته، فإنها لجأت إلى التحالف مع المؤسسة العسكرية والأمنية في مفارقة فريدة وغير مألوفة في أي مسار ديمقراطي.

هكذا فإنه بدلا من استثمار أجواء الثورة في رفع وصاية السلطة على المجتمع، على نحو يتيح له أن يستعيد حيويته ويفرز قياداته، فإن كيانات المجتمع الهشة استقوت بالمؤسسة العسكرية وفتحت الباب لتنامي دورها السياسي الذي يمهد الطريق لعسكرة المجتمع في الأجل المنظور.
 بالتالي فإنها أسهمت في إضعاف المجتمع بدلا من تقويته.

• 
أزمة الإخوان متعددة الأوجه، ذلك أن تصنيفها كمنظمة إرهابية لأول مرة في تاريخها، وضعها في موقف حرج، رغم أن ذلك التصنيف ليست له قيمة قانونية، لأنه كان إعلانا لمجلس الوزراء اعتبر موقفا سياسيا، من جانبه،
 من ثَمَّ فإنه لم يعد قانونا ولم تنشره الجريدة الرسمية،
بالتالي فإن الوصف يقتصر أثره على الخطاب السياسي والإعلامي.

مع ذلك فقد كان لذلك الخطاب أثره في توسيع نطاق الرفض الشعبي للحركة.
وهو الرفض الذي أسهمت فيه عوامل أخرى موصولة بالأخطاء التي وقعت فيها الجماعة أثناء تولي الدكتور محمد مرسي للسلطة.

 من ناحية أخرى فإن تحالف الجماعة مع جماعات تختلف عنها في نهجها الفكري رغم انتسابها إلى المرجعية الإسلامية حملها بأعباء خصمت من رصيدها، الأمر الذي سوغ نسبة كل أعمال العنف التي وقعت إلى الإخوان.

 من ناحية ثالثة فإن اعتقال كل القيادات وضع الجميع في سلة واحدة بحيث طمست التمايزات بين أجنحة الاعتدال والتشدد.
إضافة إلى أن تلك الخطوة قطعت خطوط الاتصال بين القيادات والقواعد، الأمر الذي فتح الباب لممارسات ومبادرات لم تخل من شطط وحمق.

من ناحية رابعة فإن الاحتجاجات التي يمارسها شباب الإخوان تبدو بغير أفق واضح، في حين أنها باهظة التكلفة
فالذين يشاركون فيها بصفة منتظمة منذ أكثر من ستة أشهر يعرفون مسبقا أنهم سوف يتعرضون للاعتقال أو القتل.
(خلال يومي الاستفتاء في 14 و15 يناير تم اعتقال 444 شخصا حسب تصريح وزير الداخلية).

واستمرار تلك التظاهرات يشكل نزيفا مستمرا لا يبدو له هدف واضح سوى أنه تعبير عن رفع صوت الاحتجاجات والغضب.
حتى شعارات العودة إلى الشرعية التي ترفع في أغلب تلك التظاهرات تعبر عن وجه آخر للأزمة، التي جعلت المتظاهرين يتعلقون بمرحلة تجاوزها الواقع.
ذلك أن الشرعية باتت مشكلة الجماعة في حين أن استعادة الديمقراطية هي مشكلة الوطن والمجتمع. 

(4)

أدري أن الهستيريا التي أصابت المجتمع عطلت العقول وحكَّمت الانفعالات، وأن شرائح واسعة من النخبة استسلمت لهذه الحالة ومن عناصرها من تقدم صفوف الذين ما برحوا يدعون إلى تأجيج الحرائق وتوسيع نطاق الإبادة السياسية.

أدري أيضا أن الدعوة إلى رد الاعتبار للعقل بما يؤدي إلى إطفاء الحرائق ورأب التصدعات في صفوف الجماعة الوطنية، لن تسلم من الاتهام والتجريح.

لكنني أذكر الجميع بمقولة رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل التي أطلقها في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحذر فيها الشعب البريطاني من
«أننا لو تركنا الحاضر يصارع الماضي سيضيع المستقبل».

وهي أكثر ما ينطبق على الواقع المصري الراهن، لأن المعارك الراهنة تستهلك طاقة الحاضر في حسابات الماضي ومراراته،
 الأمر الذي سيكون المستقبل ضحية له، علما بأن المستقبل هو حلمنا وهو أملنا الذي نعول عليه.

الذين لا بواكي لهم – فهمي هويدي


أبرزت الصحف المصرية يوم الجمعة الماضي (17/1) ما وصفته بأنه فضيحة أمريكية جديدة، أعلن عنها سلاح مشاة البحرية (المارينز)
وخلاصتها ان أحد المواقع الإلكترونية نشر مجموعة من الصور لمقاتلين عراقيين تم إحراق جثثهم بواسطة جنود أمريكيين، وقد ظهر فيها أحدهم وهو يلقي سائلا قابلا للاشتعال على تلك الجثث.

 وفي تقرير الفضيحة المنشورة ان الصور التقطت في مدينة الفلوجة العراقية في عام 2004 وان وزارة الدفاع الأمريكية اهتمت بالامر وطلبت التحقيق فيه، وتحديد هوية الجنود المتورطين في العملية.

أثار انتباهي اهتمام الصحف المصرية بالخبر، ولم استبعد ان يكون الدافع إلى إبرازه هو استخدام الفضيحة في التنديد بالإدارة الأمريكية لأسباب سياسية لها علاقة بالحملة الإعلامية المصرية عليها التي ذهبت إلى حد اتهامها بالتآمر لاغتيال الفريق عبدالفتاح السيسي، بعدما انكشف ــ في الإعلام المصري وحده!ــ سر العلاقة بين الرئيس أوباما والتنظيم الدولي للإخوان.

لم يفاجئني إحراق المارينز جثث المارينز العراقيين، لأن الولايات المتحدة لم تقم كدولة إلا بعد إبادة الهنود الحمر سكانها الأصليين،
وما فعلوه مع عناصر المقاومة العراقية هو «عينة» بسيطة تستدعي إلى الأذهان ما فعلوه بحق الهنود الحمر، وجرى توثيقه فيما بعد في دراسات عدة، سبق أن أشرت إلى بعضها. خصوصا كتاب منير العكش «أمريكا والابادات الجماعية».

الاهتمام بالفضيحة الأمريكية التي وقعت منذ نحو عشر سنوات، ذكرني بتجاهل الإعلام المصري فضيحة قتل 37 مواطنا بريئا اختناقا منذ نحو ستة أشهر، حين نقلوا في سيارة محكمة الإغلاق إلى سجن أبوزعبل وتركوا طوال النهار أمام بوابة السجن، وحين احتجوا ألقيت عليهم قنابل الغاز المسيلة للدموع التي أدت إلى قتلهم. في حين نجا ثمانية فقط من زملائهم.

وهي الجريمة التي اتهم أربعة ضباط شرطة بالمسؤولية عن ارتكابها ونظرتها إحدى محاكم الجنح في شهر نوفمبر الماضي، وحين رد المحامون قاضيها لتحيزه فإنه تنحى عن نظرها لاحقا «لاستشعاره الحرج».

لم تكن الفضيحة ممثلة في قتل ذلك العدد من الأشخاص فحسب، وإنما كانت في اعتبار الجريمة مجرد جنحة يعاقب مرتكبها بالسجن ثلاث سنوات أو سبع سنوات كحد أقصى.

علما بأن طلاب جامعة الأزهر حين حاولوا اقتحام باب مدير الجامعة فإن فعلهم اعتبر جناية، وحكمت محكمة الجنايات على كل واحد منهم بالسجن 17 سنة.

 ولا وجه للمقارنة لأن الضباط المتهمين أودعوا مكانا غير معلوم يرجح أن يكون مستشفى الشرطة، بما يعني انهم لا يعاملون كغيرهم من المتهمين، وانما يظلون تحت رعاية وزارتهم وزملائهم،

وثمة لغط في أوساط المحامين حول التلاعب في أوراق التحقيق الذي من شأنه ان يؤدي إلى تبرئة المتهمين وإخلاء سبيلهم في نهاية المطاف، كما حدث في أغلب القضايا التي اتهمت فيها الشرطة بقتل الثوار المتظاهرين.

لا غرابة والأمر كذلك في ان تتجاهل وسائل الإعلام قضية السبعة والثلاثين الذين قتلوا اختناقا.
بل ربما بدا ان أولئك القتلى أفضل حالا من غيرهم، ممن لم يعد يذكرهم أحد أيضا، ولم تخضع عملية قتلهم لأي تحقيق ولم يشر إلى اسمائهم في أي قضية.

 وهؤلاء الذين لا ذكر لهم ولا بواكي لهم عددهم 2665 شخصا كما ذكر موقع «ويكي ثورة» الذي وثق اسماءهم (مصادر الإخوان تتحدث عن أكثر من ثلاثة آلاف شخص) وهم ضحايا فض الاعتصامات والتظاهرات التي حدثت بعد عزل الدكتور محمد مرسي.

هذا العدد الكبير من الضحايا يفوق أعداد الذين قتلوا جراء استخدام النظام السورى الكيماوي في قصف الغوطة.
الذين قدرت مصادر المعارضة عددهم بنحو 1466 شخصا وذكرت المخابرات الأمريكية ان عددهم 1429 قتيلا.

وقد تصادف ان وقعت حادثة قتل معتقلي أبوزعبل في نفس شهر أغسطس الذي تم فيه استخدام الكيماوي في قتل السوريين.
 وهو ما أحدث حينذاك دويا عالميا وصل صداه إلى مجلس الأمن وطرح مسألة التدخل العسكري لإسقاط النظام السوري.

أما ما حدث في مصر فلم يرد له أي ذكر، ليس فقط من جانب إعلام السلطة ومصادرها، وإنما أيضا من جانب أغلب منظمات حقوق الإنسان.

المدهش في الأمر ان المجتمع قبل هذا الوضع وأقره.
وثمة شرائح اعتبرت أن الذين قتلوا يستحقون ذلك المصير، تأثرا بالخطاب الإعلامي الذي لم ير في الإبادة الجسدية الجماعية إجراء مستغربا أو مشينا.

 بل غدا مجرد الإشارة إليهم مسوغا لإطلاق تهمة الأخونة والتحيز للإرهاب، في إلغاء كامل لكل ما هو إنساني وأخلاقي وفي استحضار مفجع لما هو سياسي وأيديولوجي.

وخلط آخرون الأوراق حين اعتبروا ان قتل ذلك العدد الضخم من المعتصمين أو المتظاهرين من قبيل الثأر لقتل الجنود المصريين في سيناء.

وكأن الجريمة التي ارتكبها الإرهابيون في سيناء ردت عليها السلطة بقتل ذلك العدد في رابعة والنهضة وفي أماكن أخرى.
وكأننا ينبغي أن نحزن لقتل فئة من المصريين، في حين نشمت في قتل آخرين ممن ارتأت السياسة ألا حق لهم في الحياة.

إننا بصدد سلسلة من الفضائح التي سيذكرها التاريخ في سجلاته الدموية،
وفي هذه الحالة فإن الادانة التاريخية لن تشمل الذين قتلوا وارتكبوا الجرم فقط،
لكنها ستلحق أيضا بكل الذين صمتوا أو برروا ما جرى وبخلوا بمجرد الإشارة إليهم بكلمة حق أو بدمعة حزن.