عندما نتحدث عن الحرية ونقضي بأنها حاجة نفسية هامة ، يلزمنا أن نبين السبل والوسائل التي تحقق هذه الحرية و تشبعها في نفس الإنسان .
من وسائل إشباع الحرية : تنمية روح المبادرة ، يجب أن نحتفي بالسؤال من الطفل على سبيل المثال ، لا أن نسكته ونشتكي منه ، فإسكاته قتل للحرية وتنمية لروح العبودية لدى أبنائنا .
إن من الواجب علينا أن نستحدث مواقف للنجاح ، لماذا نقلق عندما يستقل الابن برأيه عن والده ؟ ، نحن نخاف من الاستقلال بالرأي لأننا نعيش بفكر شيخ القبيلة ونمارسه داخل بيوتنا وفي شؤوننا العائلية ، يجب أن نستحدث أيضا مواقف للفشل ، لندرب أبناءنا على الموقف الإيجابي ، ونغرس في نفوسهم أننا إن لم ننجح هذه المرة سننجح في المرة القادمة ، فينمو عقل الابن متحررا من الانفعالات متقبلا للأفكار .
يجب أن نجعل الفشل في حس أبنائنا خبرة وليس عيبا ، الفشل هو خبرة إضافية تقودنا للنجاح في المرة القادمة ، وبعد ذلك لن يتوقف الابن عن التجربة خوفا من الفشل ، لأن الفشل أصبح في حسه خبرة إضافية وليس عيبا .
إن مكتشف الكهرباء يقول بكل أريحية أنه اكتشف قبل الكهرباء عشرة آلاف طريقة خاطئة لا تنتج التيار ، وهي لو صرفناها بعملة العبودية لكانت عشرة آلاف فشل ، لكنه بطريقته الحرة عشرة آلاف خبرة جديدة ، ولو كان أديسون يفكر بطريقتنا لتوقف عن الإبداع .
ربما لم يكن أديسون هو الأكثر ذكاءً من العاملين في مجاله ، لكنه كان مستقلا وحرا أكثر منهم ، لربما كان غيره من العبوديين أذكى منه ، لكنهم ما استطاعوا أن يصلوا إلى اكتشافه ، ، إنه النمو النفسي للحرية ومرونة العقل ، يجعل الانسان أكثر ابداعا وتميزا في تخصصه .
إن الحرية التي تبني الإنسان وترفع الأوطان لابد لها من ضوابط ،وضوابطها في رأيي تتلخص في ضابط واحد، وهو أن ينطلق الانسان من مناطق قوته لا من مناطق ضعفه وشعوره بالنقص ، عندما ينطلق المرء من مناطق القوة يشعر بالطمأنينة الداخلية ، وعندما ينطلق من مناطق ضعفه وشعوره بالنقص يبدأ بتحدي الآخر لفظيا وبطريقة عبودية يصبح الانسان فيها عبدا لشعوره السلبي .
الحرية في رأيي هي اشعار الانسان بكرامته و بدوره المدني ، و اشعاره بواجباته تجاه وطنه ، إن الاشكالية في بعض المجتمعات العربية أن شعوبها مشغولة بحقوقها لا بحقوق الوطن ، يجب أن أنشغل بحقي كمواطن ، ويجب أن أفهم ما هو حق الوطن علي .
إن من الأسئلة التي يطرحها الكثيرون عندما يثار موضوع الحرية : هل هناك مستوى معين من الحرية يناسب كل بلد؟ ، ورأيي أن هذا المستوى هو اتفاق يتفق عليه أهل ذلك البلد يحقق ما يريدونه وما يهدفون إليه ، الحرية ليست كجدول الضرب ، فهي محكومة بالتزامات أخرى تفرضها الطبيعة القبلية أو المناطقية أو الفئوية ، تحكمها علاقات داخلية و أخرى خارجية ودولية ، فالحرية وقيودها وحدودها تختلف من بلد إلى بلد حتى في الغرب، وما يسمح به في دولة قد تمنعه أو تعاقب عليه دولة أخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق