«بركات» في الجزائر – فهمي هويدي

«بركات» في الجزائر – فهمي هويدي

تجري في الجزائر اليوم واحدة من الانتخابات النمطية التي صارت من سمات العالم الثالث، حيث النتيجة معلومة سلفا، والرئيس الحالي هو الرئيس القادم.
وطقوس الانتخابات تجري على سبيل التجمل الديمقراطي.
وهي في حقيقتها تجديدا للبيعة وتكريسا للوضع القائم.
مع ذلك فإنها تكتسب بعض الخصوصية التي تميزها عن الجمهوريات المتعارف عليها في العالم العربي،
ذلك أن الجميع يعرفون أن الجزائر يحكمها الجيش منذ الاستقلال في عام 1962.
ومن المقولات التي تشخص هذه الحالة قول البعض إن كل دولة في العالم لها جيش.
 الجزائر حالة استثنائية لأن الجيش فيها له دولة.

في هذا السياق تستدعي تجربة الجيش التركي الذي اعتبر نفسه مؤسس الجمهورية وحارسها، بعدما حرر البلد من الاحتلال في الحرب العالمية الأولى، وهو ما فعلته جبهة تحرير الجزائر. وإن اختلف الأمر في المآلات. لأن قوى المجتمع نجحت في التخلص من قبضة العسكر في تركيا، لكنها فشلت في ذلك في الجزائر، حتى الآن على الأقل.

منذ الاستقلال والمؤسسة الأمنية التي يديرها الجيش هو الذي يحكم من وراء ستار. فيرشح الرؤساء أو يستبدهم.
ومنذ جاء الجيش بالسيد عبدالعزيز بوتفليقة وقدمه رئيسا في عام 1999 والرجل مستمر في وظيفته.

ولأن الدستور الجزائري كان ينص على ولايتين فقط للرئيس، فإن ذلك لم يكن عقبة، لأن النص جرى تعديله (كما فعل السادات في مصر) وصار من حق الرئيس أن يترشح لعدة ولايات وليس اثنتين فقط.

وبناء على ذلك انتخب بوتفليقة لولاية ثالثة في عام 2009، وها هو الآن يترشح للمرة الرابعة.
ولكن ذلك يتم في ظروف مغايرة إلى حد كبير. ذلك أن الرجل البالغ من العمر 77 عاما أصيب بجلطة دماغية في العام الماضي اضطرته للسفر إلى فرنسا للعلاج،

وبعد أن قضى هناك حوالي ثلاثة أشهر، عاد على مقعد متحرك وغير قادر على التعبير عن نفسه، حيث بات يجد صعوبة في النطق.

ولذلك فإنه لم يظهر في مناسبات عامة إلا في مرات نادرة. ولم يتحدث إلى الجماهير وهو الخطيب المفوه. لذلك فإن حملته الانتخابية يباشرها مساعدوه.
 الأمر الذي يعني أن الرجل الذي أصبح عاجزا عن السير على قدميه قرر أن يخوض المعركة الانتخابية مصرا على أن يستمر في تسيير شؤون الدولة.

وبسبب حالته الصحية غير المطمئنة فإن نقاده ومعارضيه أصبحوا يشكون في دوافع القوى المحيطة به. التي تتمثل أساسا في المؤسسة الأمنية كما تتمثل في محيطه العائلي، وبخاصة شقيقه الذي يثار حول دوره لغط كثير.

حجة مؤيدي بوتفليقة أن الساحة الجزائرية تفتقد إلى قيادة كاريزمية تلتف من حولها الجماهير.
من ثَمَّ فإنهم اعتبروا بوتفليقة الأكثر قبولا والأوفر حظا.

ورغم أنه لم يستخدموا مصطلح «مرشح الضرورة» الذي جرى صكَّه وتسويقه في مصر، إلا أن السلوك السياسي المتبع قدَّمه في هذا الإطار.

وفيما سمعت من بعض المثقفين الجزائريين فإن أنصار بوتفليقة استخدموا لصالحه المتغيرات السلبية التي حصلت على العالم العربي بعدما هبت عليه رياح «الربيع» في عام 2011. وحذروا من أن يتكرر في الجزائر ما حدث في مصر وليبيا وسوريا واليمن.
حيث أدعوا في هذا الصدد أن التعبير الذي حدث لم يجلب الأمن أو الاستقرار لتلك الأقطار.
 ووجدت تلك المقولة آذانا صاغية في بعض الأوساط خصوصا أن بقايا الجماعات المتطرفة لا يزال لها وجود في جنوب الجزائر.
وما حدث في مالي على أيدي الجماعات المنسوبة إلى «القاعدة» ليس منها ببعيد.

المتغير الآخر المهم كان في بنية المجتمع الجزائري ذاته. ليس فقط لأن عالم القرن الواحد والعشرين مختلف عن عالم القرن العشرين،
ولكن أيضا لأن رياح الربيع التي هبت على العالم العربي لم تستثن دول المغرب، حيث ما كان لها أن تهب بغير صدى لها في الجزائر.

ورغم السلبيات التي شهدتها دول الربيع، فإن ذلك لم يغير من حقيقة شوق الناس إلى التغيير وجرأتهم على المطالبة بحقوقهم في الحرية والعدل.

آية ذلك أنه حين أعلن الوزير الأول الجزائري (رئيس الوزراء) عبدالمالك سلال عن اعتزام بوتفليقة الترشح لولاية رابعة، فإن بعض شرائح المجتمع أعربت عن احتجابها بسرعة في حركة رفعت شعار «بركات» وهو مصطلح مماثل لكلمة «كفاية» في مصر.
ونظم هؤلاء بعض المسيرات في العاصمة، شارك فيها مثقفون ومواطنون من كل الفئات.

 كما انطلقت أغان بالفرنسية والعامية الجزائرية، نددت بترشيح بوتفليقة وسخرت منه، إلا أن ذلك لن يغير الكثير في النتيجة التي يعرف الجميع أنها محسومة لصالح الرجل الذي تسانده المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية إضافة إلى الإعلام الرسمي وشبكة المصالح المرتبطة بالنظام المتحكم في السياسة ومصير البلد منذ أكثر من نصف قرن.

الملاحظة الأخيرة الجديرة بالانتباه أنه في حالة نجاح بوتفليقة فإنه لن يصبح في العالم العربي أية انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية،

ذلك أنها جميعا ستكون أقرب إلى الملكيات التي يتولى السلطة فيها أشخاص متشبثون بالسلطة ومعروفون سلفا.
وستكون تونس وحدها استثناء في العالم العربي، حيث سيصبح الدكتور منصف المرزوقي هو الرئيس الوحيد الذي تولى السلطة من خلال انتخابات ديمقراطية حرة لم تحسم قبل إجرائها.

صحيفة الشرق القطريه الخميس  17 جمادى الأخره  1435 –  17 أبريل  2014

مؤامرة ! – فهمي هويدي

ﯾوم اﻷﺣد اﻟﻣﺎﺿﻲ 13 أﺑرﯾل ﻧﺷر ﻟﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﻛﺎن ﻋﺎﻣود ﻛﺎن ﻋﻧواﻧﮫ «ﺻﺎﻓرات اﻟﺣزن اﻟﯾوﻣﻲ».
ﺗﺣدﺛت ﻓﯾﮫ ﻋن ﺷﮭﺎدات اﻟﺗﻌذﯾب ﺑﺎﺗت ﺗﺑﺛﮭﺎ ﻛل ﯾوم ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ،
وأوردت ﺷﮭﺎدﺗﯾن ﻛﺎﻧت إﺣداھﻣﺎ ﺻﺎرﺧﺔ وﺿﺣﯾﺗﮭﺎ ﺷﺎب ﻋﻣره 19 ﺳﻧﺔ، ھو ﻋﻣر ﺟﻣﺎل اﻟﺷوﯾﺦ اﻟطﺎﻟب ﺑﺎﻟﺳﻧﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻛﻠﯾﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزھر.

 وذﻛرت أﻧﻧﻲ وﻗﻌت ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﺷﮭﺎدة ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ «ﺑواﺑﺔ ﯾﻧﺎﯾر»،
وان اﻷﺳﺗﺎذة أھداف ﺳوﯾف اﻟرواﺋﯾﺔ اﻟﻣﻌروﻓﺔ أﺷﺎرت إﻟﯾﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻧﺷرﺗﮭﺎ ﻟﮭﺎ ﺟرﯾدة «اﻟﺷروق» ﻓﻲ 10 أﺑرﯾل اﻟﺣﺎﻟﻲ.

وﻟم اﺷﺄ أن أﺷﯾر إﻟﻰ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎﻗﻠت ﻗﺻﺔ اﻟﺷﺎب.
 إذ ﻛﺎﻧت ﺷﺑﻛﺔ «ﯾﻘﯾن» اﻹﺧﺑﺎرﯾﺔ ﻗد ﻧﻘﻠﺗﮭﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن أﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟذي ﻋﻘدﺗﮫ ﺣﻣﻠﺔ «اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻠﺟدﻋﺎن» ﻓﻲ ﻧﻘﺎﺑﺔ اﻟﺻﺣﻔﯾﯾن (وھﻲ ﻣوﺟودة ﺑﻛل ﺗﻔﺎﺻﯾﻠﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﯾوﺗﯾوب).

ﻛﻣﺎ ﻧﺷرﺗﮭﺎ ﺟرﯾدة «اﻟوﻓد» ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻛﺗﺑﮫ زﻣﯾﻠﻧﺎ ﻋﻼء ﻋرﯾﺑﻲ، ﻓﻲ ﻧﻔس ﯾوم 13/4 اﻟذي ظﮭر ﻓﯾﮫ ﻣﺎ ﻛﺗﺑﺗﮫ ﻓﻲ ﺟرﯾدة «اﻟﺷروق»،
وﻛﺎﻧت زﻣﯾﻠﺔ أﺧرى ھﻲ اﻷﺳﺗﺎذة ﻓﺎطﻣﺔ ﯾوﺳف ﻗد ﺳﺑﻘﺗﻧﺎ إﻟﻰ ﻧﺷر اﻟﻘﺻﺔ ﻓﻲ ﺻﺣﯾﻔﺔ «اﻟﺷﻌب اﻟﺟدﯾد» ﯾوم 9/4.

ﻛل ھؤﻻء ﻧﺷروا اﻟﺗﻔﺎﺻﯾل اﻟﻣﻔزﻋﺔ اﻟﺗﻲ ذﻛرﺗﮭﺎ، ﻟﻛﻧﻧﻲ أﺿﻔت ﻓﻘرة ﻗﻠت ﻓﯾﮭﺎ ﻣﺎ ﻧﺻﮫ:
 إﻧﻧﻲ أﻓﮭم ان ﺗﺣﺎل ﻟﻠﺗﺣﻘﯾق اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣروﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣدث ﻋﻧﮭﺎ اﻟﺣﻘوﻗﯾون واﻟﺷﮭﺎدات اﻟﺗﻲ ﺗﺻدر ﻋناﻟﻣﻌﺗﻘﻠﯾن أو ذوﯾﮭم ﻟﻠﺗﺛﺑت ﻣن ﻣدى ﺻﺣﺗﮭﺎ، وﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ.
وﻟﻛن ﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أو ﻧﻔﯾﮭﺎ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻷﺑواق اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻟم ﯾﻌد ﻛﺎﻓﯾﺎ وﻻ ﻣﻘﺑوﻻ.

 ﺑﻛﻼم آﺧر ﻓﺈﻧﻧﻲ ﻛﻧت واﺣدا ﻣن ﻛﺛﯾرﯾن اﺳﺗﻔزﺗﮭم ﻗﺻﺔ اﻟﺗﻌذﯾب اﻟذي ﺗﻌرض ﻟﮫ اﻟﺷﺎب ﻋﻣر اﻟﺷوﯾﺦ،وﺟﻣﯾﻌﻧﺎ ﻧﻘﻠﻧﺎ ﻧﻔس اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت، إﻻ أﻧﻧﻲ ﻟم اﻧطﻠق ﻣن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺎﻟﻛﻼم اﻟﻣﺗداول،
ﻟذﻟك ﺣرﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ اﻟوﻗﺎﺋﻊ وﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ إذا ﺻﺣت، أو ﻣﺣﺎﺳﺑﺔ ﻣروﺟﯾﮭﺎ إذا ﻟم ﺗﺻﺢ.

ﻟﻛن ﻣﺎ ﺣدث ﺑﻌد ذﻟك ﻛﺎن ﻣدھﺷﺎ وﻣﺣزﻧﺎ
ــ ﻛﯾف؟

ﻓﻲ ﻣﺳﺎء ﯾوم اﻟﻧﺷر(اﻷﺣد 13/4) وﺟدت اﻟﻣوﺿوع ﻣﺛﺎرا ﻓﻲ أﺣد اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﯾﺔ، وﻛﺎن ﻛل اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛرت ﻣﺗﺟﺎھﻼ ﻣﺎ ﻧﺷرﺗﮫ ﺟﻣﯾﻊ اﻷطراف اﻷﺧرى،
وظﻠت اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺗﻲ وﺿﻌت ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺎﺷﺔ ﺗﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻓﻼﻧﺎ (اﻟذي ھو اﻧﺎ) ﯾﻘول إن اﻟﻣﻌﺗﻘﻠﯾن ﯾﺗﻌرﺿون ﻟﻠﺗﻌذﯾب واﻻﻋﺗداء اﻟﺟﻧﺳﻲ.

وھﻲ ﻋﺑﺎرة وردت ﺣﻘﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺗﺑت ﻟﻛﻧﻧﻲ ﻟم أﻛن ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ، واﻧﻣﺎ ذﻛرﺗﮭﺎ اﻷم ﻓﻲ اﻟﺗﺳﺟﯾل اﻟﻣوﺟود ﻋﻠﻰ اﻟﯾوﺗﯾوب واﻟﻣﺗﺎح ﻟﻠﺟﻣﯾﻊ. ﻛﻣﺎ ذﻛرﺗﮭﺎ ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣواﻗﻊ واﻟﻣﺻﺎدر اﻟﺗﻲ أﺷرت إﻟﯾﮭﺎ.

وﻟم ﯾﻛن ذﻟك ھو اﻟﺗﻐﻠﯾط اﻟوﺣﯾد، ﻷن ﻣﻘدﻣﻲ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ ذﻛرا أن اﻟﻘﺻﺔ ﻧﺷرﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﯾوم ﺻﺣﯾﻔﺔ«اﻷوﺑزرﻓر» اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﺔ، وھو أﻣر ﻏﯾر ﻣﺳﺗﻐرب ﻷن ﺗداوﻟﮭﺎ ﻋﺑر ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺗﻧﺎول أي ﻣراﺳل أﺟﻧﺑﻲ أو ﺻﺣﻔﻲ ﻋﺎدي ﻓﻲ ﻣﺻر.

ﻛﻣﺎ ﺗﺣدﺛﺎ ﻋن ان ﻣﺎ ﻗﻠﺗﮫ ﻧﺷرﺗﮭﺎ ﻋدة ﺻﺣف ﻋرﺑﯾﺔ، وھو أﻣر ﻟﯾس ﺟدﯾدا ﻷن ﻛﺗﺎﺑﺎﺗﻲ ﺗﻧﺷرھﺎ ﻣﻧذ 12 ﻋﺎﻣﺎ ﻋﺷر ﺻﺣف ﻋرﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺷرق واﻟﻣﻐرب، ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﺎﺗﻔﺎق وﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑﻐﯾر اﺗﻔﺎق.

ﻟﻛن ﻣﻘدﻣﻲ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ ﺗﺟﺎھﻼ ﻛل ذﻟك واﻋﺗﺑرا ان اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﺟزء ﻣن ﻣؤاﻣرة ﺟرى اﻟﺗﻧﺳﯾق ﻓﯾﮭﺎ ﺑﯾن ﺷﺧﺻﻲ اﻟﺿﻌﯾف وﺑﯾن اﻷطراف اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟﻌرﺑﯾﺔ،
وﻛﺎن اﻟدﻟﯾل ھو ﻧﺷر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ ﻓﻲ إﻧﺟﻠﺗرا وﺗداول اﻟﻌﺎﻣود اﻟذي ﻛﺗﺑﺗﮫ ﻓﻲ ﻋدة أﻗطﺎر ﻋرﺑﯾﺔ.
 وھﻲ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﺗﻲ وﻗف ﻋﻧدھﺎ ﻣﻘدﻣﺎ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ طوﯾﻼ ﺣﯾث اﻋﺗﺑرا أﻧﻧﻲ ﺑﻣﺎ ﻛﺗﺑت أﺳﮭﻣت ﻓﻲ ﺗﻧﻔﯾذ اﻟﻣﺧطط اﻟﺟﮭﻧﻣﻲ اﻟذي ﯾﺳﺗﮭدف ﺗﺷوﯾﮫ ﻣﺻر وﺛورة 30 ﯾﻧﺎﯾر اﻟﻣﺟﯾدة. ﻓﺿﻼ ﻋن اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ ﺟﮭﺎز اﻟﺷرطﺔ اﻟذي ﯾﺳﮭر ﻋﻠﻰ ﺧدﻣﺔ اﻟوطن وﺗﺄﻣﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن ﺿد ﻏﺎرات اﻹرھﺎﺑﯾﯾن وﺷرورھم.

ورﻏم اﻧﮭﻣﺎ اﺳﺗﺿﺎﻓﺎ أﺣد ﺿﺑﺎط وزارة اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﯾﻘول ھذا اﻟﻛﻼم. ﻓﺈﻧﮭﻣﺎ ﻟم ﯾﻛوﻧﺎ ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻟذﻟك، ﻷﻧﮭﻣﺎ ظﻼ طول اﻟوﻗت ﯾزاﯾدان ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ اﻟرﺟل، ﻓﻲ اﻟﺗﺷدﯾد ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻟﻣؤاﻣرة واﻟﺿﻠوع ﻓﻲ اﻟﻣﺧططﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﮭدف ﻣﺻر، وﺗﻣوﻟﮭﺎ ﻗطر وﺗرﻛﯾﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻧب أﺟﮭزة ﻣﺧﺎﺑرات اﻟدول اﻟﻌظﻣﻰ وﻏﯾر اﻟﻌظﻣﻰ.

أﺣزﻧﻧﻲ ﺗدھور اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻣﮭﻧﻲ ﻟﻠﺷﺎﺑﯾن اﻟﻠذﯾن ﻗدﻣﺎ اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ، ﻷن أي واﺣد ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻟو أدى واﺟﺑﮫ ﻗﺑل ﺗﻘدﯾم اﻟﺣﻠﻘﺔ، وﻓﺗﺢ ﺟﮭﺎز اﻟﻛﻣﺑﯾوﺗر أو اﻟﻼب ﺗوب، ﻷدرك أن «اﻟﻣؤاﻣرة» وھم ﻛﺑﯾر وأن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻣﺗداوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧطﺎق واﺳﻊ ﻣﻧذ ﻋدة أﯾﺎم.
 وﻣن ﺛم ﻟﻣﺎ ﻗﺎل ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ وﻷﺻﯾب ﺑﺎﻟﺧﺟل ﻣن ﺗﻧﻔﯾذ ﻣﺎ ُطﻠب ﻣﻧﮫ.
ﻟﻛن اﻻﺛﻧﯾن آﺛرا أن ﯾﺗﺻرﻓﺎ ﻛﻣﺧﺑرﯾن ﻓﻲ ﺟﮭﺎز اﻷﻣن اﻟوطﻧﻲ وﻟﯾس ﻛﻣﻧﺗﺳﺑﯾن إﻟﻰ ﻣﺣطﺔ ﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﯾﺔ، وﻣن ﺛم ﻗدﻣﺎ ﻧﻣوذﺟﺎ ﻻﻧﻘراض ﻣﮭﻧﺔ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﻲ، أﯾدا ﺑﮫ ﻓﻛرة ﺧﺿوع اﻟﺑث اﻟﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﻲ ﻟﺗوﺟﯾﮭﺎت اﻷﺟﮭزة اﻷﻣﻧﯾﺔ.
وھﻲ ظﺎھرة ﺗﻌددت ﺷواھدھﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻹﻋﻼﻣﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ، ﻏذاھﺎ اﻟﺗﻐﯾر اﻟﺣﺎﺻل ﻓﻲ ﻣوازﯾن اﻟﻘوى ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ. ﺣﯾن ﺗراﺟﻌت ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣواطن وارﺗﻔﻌت أﺳﮭم اﻷﻣن وأھﻠﮫ. ﺑﺣﯾث ﻣﺎ ﻋﺎد اﻟﺳؤال ﻓﻲ أي ﻣﺣطﺔ ﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﯾﺔ ﯾﻌﻣل ﻣﻘدم اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ، وﻟﻛن إﻟﻰ أي ﺟﮭﺎز أﻣﻧﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ!

أﻣﺎ أﻛﺛر ﻣﺎ ﯾﺛﯾر اﻟدھﺷﺔ ﻓﺈن اﻟﺑرﻧﺎﻣﺞ اﻟﺗﻠﯾﻔزﯾوﻧﻲ اﻟﻣذﻛور اھﺗم ﺑﺎﻟﺗﺷﮭﯾر واﻟﺗﺣرﯾض واﻟﺗﻧدﯾد ﺑﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣؤاﻣرة وﺑﻔﻛرة اﻹﺳﺎءة إﻟﻰ وزارة اﻟداﺧﻠﯾﺔ، وﻟم ﯾﻛﺗرث ﺑﺎﻟﻘﺿﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻌذﯾب وﺑﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣذﻛورة ﺻﺣﯾﺣﺔ أو ﻣﻔﺗﻌﻠﺔ وﻣﻛذوﺑﺔ.
وﻻ ﺗﻔﺳﯾر ﻟذﻟك ﺳوى أن ﻣﻌﱢدﯾﮫ رأوا اﻟﺳﻠطﺔ وﻟم ﯾﻧﺷﻐﻠوا ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ.
 اﻷﻣر اﻟذي ﯾدﻋوﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺗﺳﺎؤل:
إزاء ذﻟك اﻟﺗﻣﯾﯾﻊ ﻟﻠﻘﺿﯾﺔ ﻣن ﺗﺂﻣر ﻋﻠﻰ ﻣن؟

صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء  16 جمادى الأخره  1435 –  16 أبريل  2014

أصداء نازيه - فهمي هويدي

ﻣن أي زاوﯾﺔ ﻧظرت ﺳﺗﺟد أن اﻟﻣﺷﮭد ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﺻدﯾق.
 إذ ﻻ ﯾﻌﻘل ان ﯾﺻﺑﺢ اﻟﺗﻌذﯾب ظﺎھرة ﺑﻌد ﺛﻼث ﺳﻧوات ﻣن اﻟﺛورة اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت أﺳﺎﺳﺎ ﺿد اﻻﺳﺗﺑداد، ودﻓﻌت ﻟﻘﺎء ذﻟك ﺛﻣﻧﺎ ﻏﺎﻟﯾﺎ ﻣن دﻣﺎء أﻟف ﺷﮭﯾد ﻗﺗﻠوا ﺧﻼﻟﮭﺎ.

ذﻟك أن ﻋودة اﻟظﺎھرة ﻻ ﺗﻣﺛل اﻧﺗﮭﺎﻛﺎ ﺟﺳﯾﻣﺎ ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت واﻟﻛراﻣﺎت ﻓﺣﺳب، وإﻧﻣﺎ ھﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻋودة ﺻرﯾﺣﺔ ﻟﻧظﺎم ﻣﺑﺎرك اﻷﻣﻧﻲ وإﻋﻼﻧﺎ ﻋن ارﺗداد اﻟﺛورة وﺗﺳﺟﯾﻼ ﻷﺣد اﻻﻧﺗﺻﺎرات اﻟﻣﮭﻣﺔ ﻟﻠﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة.

ﺑذات اﻟﻘدر ﻓﺈﻧﮫ ﻻ ﯾﻌﻘل ان ﯾﻌﺗﺎد اﻟﻧﺎس ﻋﻠﻰ ﺗﻠك اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت ﺑﺣﯾث ﺗﺻﺑﺢ ﺧﺑرا ﻋﺎدﯾﺎ وﻣﺄﻟوﻓﺎ ﻓﻲ اﻟﺻﺣف.
واﻷدھﻰ ﻣن ذﻟك واﻷﻣر أن ﯾﻠﻘﻰ اﻟﺗﻌذﯾب أو اﻟﻘﺗل ﺗرﺣﯾﺑﺎ وﺗﺑرﯾرا ﻣن اﻟﺑﻌض.
دﻋك ﻣن اﻻﻧﻛﺎر اﻟذي ﻣﺎ ﺑرﺣت ﺗؤﻛده أﺑواق اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﺣﯾن واﻵﺧر،
 ذﻟك أن اﻟﺷﮭﺎدات ﺷﺑﮫ اﻟﯾوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗداوﻟﮭﺎ ﻣواﻗﻊ اﻟﺗواﺻل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﻛذب ﺗﻠك اﻹﻋﻼﻧﺎت وﻻ ﺗدع ﻣﺟﺎﻻ ﻟﺗﺻدﯾﻘﮭﺎ.

ﺧﺻوﺻﺎ أﻧﮭﺎ إﻣﺎ ﺻﺎدرة ﻋن اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ أﻧﻔﺳﮭم أو ﻋن ذوﯾﮭم وﻣﺣﺎﻣﯾﮭم اﻟذﯾن ﯾﺗﺣدﺛون ﻋن ﺣﺎﻻت رأوھﺎ ﺑﺄﻋﯾﻧﮭم، وﻟم ﯾﺟرؤ أﺣد ﻋﻠﻰ ﻧﻘض ﺷﮭﺎداﺗﮭم أو اﻟﺗدﻟﯾل ﻋﻠﻰ ﻋدم ﺻﺣﺗﮭﺎ.

اﻟذي ﻻ ﯾﻘل ﺧطورة ﻋن ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺗﻌذﯾب، اﻟذي ﯾﻌد ﺟرﯾﻣﺔ ﺑﻛل اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس، ھو ﺻداه ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷوﺳﺎط اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻌد ﺗﺳﺗﮭﺟﻧﮫ أو ﺗﺳﺗﻧﻛره.

 وﻣن ﯾﻘرأ اﻟﺗﻌﻠﯾﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻌﺑر ﺑﮭﺎ ھؤﻻء ﻣن ﺧﻼل اﻹﻧﺗرﻧت ﻋﻠﻰ ﺷﮭﺎدات اﻟﺗﻌذﯾب أو أﺣﻛﺎم اﻟﺳﺟن اﻟﻣﺟﺣﻔﺔ أو اﻹﻋدام، ﯾدھﺷﮫ اﻟﻣدى اﻟذي ذھب إﻟﯾﮫ ﺗﺷوﯾﮫ اﻹدراك وﺗﻠوﯾث اﻟﺿﻣﺎﺋر.

 ذﻟك أن ھؤﻻء ﻋﺑروا ﻋن ﺷﻌور ﺑﺎﻟﺷﻣﺎﺗﺔ وﺑﺎﻟﻛراھﯾﺔ ﻟﻠﻣﺧﺎﻟﻔﯾن ﺟﻌﻠﮭم ﯾﻘﺗﻧﻌون ﺑﺄﻧﮭم ﻻ ﯾﺳﺗﺣﻘون اﻟﺣﯾﺎة، وأن اﻹﺑﺎدة ﻋﻘﺎب طﺑﯾﻌﻲ، وﻋﺎدل ﻟﮭم.
وھو ﻣﺎ ﯾﻌد إﻟﻰ أذھﺎﻧﻧﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻧﺎزي، ﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ(أرﺑﻌﯾﻧﯾﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ)، ﺣﯾن ﻟم ﺗﻛن اﻟﻣﺷﻛﻠﺔﻣﻘﺻورة ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ ﻣﺳﺗﺑدة ﺗﺑﻧت ﻣﺑدأ ﺗﻔوق اﻟﻌرق اﻵري وﻗﺑﻠت ﺑﻔﻛرة ﺗطﮭﯾر أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻣن اﻷﻋراقاﻷﺧرى،
ﻟﻛن ﻣﺎ ﻓﺎﻗم اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ أن ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻌﻧﺻرﯾﺔ اﻟﺑﻐﯾﺿﺔ وﺟدت أﻧﺻﺎرا ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ.

وذﻟك اﻟﺗﺷﺎﺑﮫ ﯾﺿﻌﻧﺎ ﺑﺈزاء ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻏﯾر ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺗﺻدﯾق أﯾﺿﺎ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ان اﻟﺛورة ﺿد اﻻﺳﺗﺑداد اﻟﺗﻲ اﻧطﻠﻘت ﻓﻲ ﻋﺎم 2011 ﻓرﺧت ﺣرﻛﺔ ﺷﺑﮫ ﻧﺎزﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻲ 2013 و2014.

ﻣن اﻟﻣﻔﺎرﻗﺎت أن ﻓﻛرة إﻟﻐﺎء اﻵﺧر واﻟﻘﺑول ﺑﺳﯾﺎﺳﺔ إﺑﺎدﺗﮫ ﯾﺗم اﻟﺗﺑﺷﯾر ﺑﮭﺎ واﻟﺗروﯾﺞ اﻟﯾوﻣﻲ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾؤﻛد اﻟﺧطﺎب اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟرﺳﻣﻲ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻋﻠﻰ رﻓض اﻗﺻﺎء اﻵﺧر.

وھذا اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻻ ﺗﻔﺳﯾر ﻟﮫ ﺳوى أن ذﻟك اﻟﺧطﺎب ﯾﺗﺣدث ﻋن اﻻﻟﺗزام ﺑرﻓض أي إﻗﺻﺎء ﻷي طرف ﻣناﻟﻔﺋﺎت واﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت اﻟﻣؤﯾدة ﻟﻠﺳﻠطﺔ.

 أﻣﺎ اﻟﻣﻐﺎﯾرون ﻓﮭم ﻟﯾﺳوا داﺧﻠﯾن ﻓﻲ اﻟﺣﺳﺎب ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﮭم ﯾﻧﺗﻣون إﻟﻰ «ﺷﻌب آﺧر»، ﻛﻣﺎ ﺑﺷرت ﺑذﻟك إﺣدى اﻷﻏﻧﯾﺎت ﻓﻲ وﻗت ﺳﺎﺑق.

اﻟﻣﺛﯾر ﻟﻠدھﺷﺔ ان دواﺋر اﻟﻣﺳوﻏﯾن ﻟﻠﺗﻌذﯾب ﻟﯾﺳت ﻣﻘﺻورة ﻋﻠﻰ ﻋوام اﻟﻧﺎس وﺑﺳطﺎﺋﮭم اﻟذﯾن ﺗﺄﺛروا ﺑدﻋﺎﯾﺎت اﻟﺗﺳﻣﯾم وﺧطﺎب اﻟﻛراھﯾﺔ،
وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺷﻣﻠت ﺑﻌﺿﺎ ﻣن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻧﺧب ــ اﻟذﯾن ﺗﺧﻠوا ﻋن اﻟﺗزاﻣﮭم اﻷﺧﻼﻗﻲ، واﺧﺗﺎروا اﻻﻧﺣﯾﺎز إﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ وﺗﺄﯾﯾد ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮭﺎ أو اﻟوﻗوف ﻣوﻗف اﻟﺣﯾﺎد إزاء ﻣﻣﺎرﺳﺎﺗﮭﺎ اﻟﻔﺟﺔ واﻧﺗﮭﺎﻛﺎﺗﮭﺎ اﻟﺻﺎرﺧﺔ.

وﻗد ﻗرأت ﻟﺑﻌﺿﮭم وﺳﻣﻌت ﻣن اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﻣﺎ ﯾﻔﯾد ﺗﻣرﯾر ﺗﻠك اﻟﻣﻣﺎرﺳﺎت واﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت ﺑذرﯾﻌﺔ أﻧﮭﺎ ﻣن ﻗﺑﯾل اﻟﺿرورات اﻟﺗﻲ ﺗﺑﯾﺢ اﻟﻣﺣظورات، وھو ﻣﺎ اﺿطرﻧﻲ إﻟﻰ ﺗذﻛﯾرھم ﺑﺄن اﻹﺑﺎﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﻗررھﺎ اﻟﻧص ﻣرھوﻧﺔ ﺑﻌواﻣل ﺛﻼﺛﺔ،
 أوﻟﮭﺎ ﺗواﻓر ﺷرط اﻟﺿرورة اﻟذي ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﮭوى اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ، ﻛﻣﺎ ﻻ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻣﺛل اﻟﺗﻔﺎﻓﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣظر أو اﺣﺗﯾﺎﻻ ﻋﻠﯾﮫ.
اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ أھﻣﯾﺔ أن ﺗﻘدر اﻟﺿرورة ﺑﻘدرھﺎ دون اﻓﺗﺋﺎت أو ﺗﺟﺎوز.
ﺑﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻣطﻠﻘﺔ ﺑﻼ ﺣدود، وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣﺣﻛوﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﯾﻛﻔل دﻓﻊاﻟﺿرر اﻟﻣﺣﺗﻣل ﺟراء اﻻﻟﺗزام ﺑﺣدود اﻟﺣظر.
 اﻟﻌﺎﻣل اﻟﺛﺎﻟث واﻷھم ان ﺗﺣﻘق اﻹﺑﺎﺣﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﺷرﻋﯾﺔ ﻟﻠﻔرد أو ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ،
ﺑﻣﻌﻧﻰ ان ﯾظل اﻟﮭدف ﻣﺷروﻋﺎ وﻧﺑﯾﻼ ﻓﻲ ﻛل اﻷﺣوال.

ﺗﺳﺗﻣر اﻟدھﺷﺔ ﺣﯾن ﻧﺟد أن ﺑﻌض اﻟرﻣوز ﻓﺗﺣوا ﻣﻠﻔﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ اﻟدﺧول ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻻﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟرﺋﺎﺳﯾﺔ دون أدﻧﻰ إﺷﺎرة إﻟﻰ اﻟﺟرح اﻟﻛﺑﯾر اﻟﻣﻔﺗوح واﻟﻣﺗﻘﯾﺢ اﻟﻣﺗﻣﺛل ﻓﻲ اﺳﺗﻣرار اﻟﺗﻌذﯾب واﻧﺗﮭﺎﻛﺎت ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن وﻣﻠف آﻻف اﻟﺿﺣﺎﯾﺎ اﻟﻘﺎﺑﻌﯾن ﻓﻲ اﻟﺳﺟون اﻟﻣﻌﻠوم ﻣﻧﮭﺎ واﻟﻣﺟﮭوﻟﺔ.

وﻗﻌت ﻋﻠﻰ ﺗﺷﺧﯾص ﻟﻣﺎ ﻧﺣن ﺑﺻدده ﻓﯾﻣﺎ ﻛﺗﺑﮫ أﺣد ﺷﺑﺎب اﻟﺛورة، اﻟﺷﺎﻋر واﻟﺑﺎﺣث ﺗﻣﯾم اﻟﺑرﻏوﺛﻲ ﻓﻲ ﺟرﯾدة «اﻟﺷروق»(ﻋدد 8/4)
ﻗﺎل ﻓﯾﮫ إن اﻟﺛورة اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺧرﺑت ﺧراﺑﺎ ﺷﺎﻣﻼ، واﻧﺗﺟت ﻓﺎﺷﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﺔ ﻋﻘﻠﯾﺎ.. (ﺣﺗﻰ ﺻرﻧﺎ) ﻓﻲ زﻣن ﯾﺷﺑﮫ أزﻣﻧﺔ ﻋﯾدي أﻣﯾن ﻓﻲ أوﻏﻧدا وﺟﺎن ﺑﯾدل ﺑوﻛﺎﺳﺎ ﻓﻲ أﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟوﺳطﻰ وﻣﻌﻣر اﻟﻘذاﻓﻲ ﻓﻲ ﻟﯾﺑﯾﺎ وﺑوﻟﺑوت ﻓﻲ ﻛﻣﺑودﯾﺎ..

 إذ ﻓﻲ ﺑﺿﻌﺔ أﺷﮭر، ﻣﻧذ«ﺛورة اﻟﺛﻼﺛﯾن ﻣن ﯾوﻧﯾو اﻟﻣﺟﯾدة» رزﻗت ﻣﺻر ﺑﺄرﺑﻊ ﻣذاﺑﺢ،
واﺣدة ﻣﻧﮭﺎ ھﻲ أﻛﺑر ﻣذﺑﺣﺔ ﻋرﻓﺗﮭﺎ اﻟﻘﺎھرة ﻣﻧذ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر.
ورزﻗت ﺑﺛﻼﺛﺔ وﻋﺷرﯾن أﻟف ﻣﻌﺗﻘل، ﻣﻧﮭم ﻧﺳﺎء وﻣن اﻟﻧﺳﺎء ﻗﺎﺻرات.
ورزﻗت ﻣﺻر ﻛذﻟك ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﯾق ﻓﻲ ﺑﻼغ ﯾﺗﮭم دﻣﯾﺔ ﻗﻣﺎﺷﯾﺔ ﺑﺎﻹرھﺎب،
وﺑﺣﺑس طﺎﺋر ﻟﻘﻠق ﻟﻼﺷﺗﺑﺎه ﺑﺄﻧﮫ ﺟﺎﺳوس، ﺣﯾث وﺟدوا ﺟﮭﺎز ﺗﺗﺑﻊ ﻣﺛﺑﺗﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﮫ،
وﺑﺎﻛﺗﺷﺎف ﻋﻠﻣﻲ ﻣﻌﺟز ﯾزﻋم ﺻﺎﺣﺑﮫ ان ﺟﮭﺎزا اﺧﺗرﻋﺗﮫ اﻟدوﻟﺔ ﯾﺣول اﻷﻣراض اﻟﻣﺳﺗﻌﺻﯾﺔ إﻟﻰ ﻛرات ﻟﺣم ﻣﻔروم ﯾﺗﻐذى ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻧﺎس..

وﻟم ﻧﻘرأ ﻓﻲ ﺗراﺟم ﺳﻼطﯾن اﻟﻣﻣﺎﻟﯾك ووﻻة اﻟﻌﻣﺛﺎﻧﯾﯾن وﻻﺳﯾر اﻟﻐزاة ﻣن اﻷﻓرﻧﺞ ﺳواء ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن أو ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺎﺷر ﻋن ھذا ﻛﻠﮫ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﻋﺻر واﺣد.

إﻟﻰ ھذا اﻟﻣدى وﺻل اﻟﻘﻧوط ﺑﺑﻌض ﺷﺑﺎب اﻟﺛورة اﻟذﯾن ﯾرﻓﺿون ﺗﺻدﯾق ﻣﺎ ﯾﺟري.

صحيفة السبيل الأردنيه الاثنين  14 جمادى الأخره  1435 –  14 أبريل  2014