العقل بين حضور وغياب – فهمي هويدي

ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﻔﺗﻧﺔ اﻷﺳواﻧﯾﺔ ﻛﺎن اﻟﻌﻘل ﺣﺎﺿرا.
ﻓﻘد ذھب رﺋﯾس اﻟوزراء ﺑﻧﻔﺳﮫ إﻟﻰ اﻟﻣدﯾﻧﺔ واﺳﺗﻣﻊ إﻟﻰ أطراف اﻟﺻراع اﻟداﻣﻲ اﻟذي أدى إﻟﻰ ﻣﻘﺗل ﻧﺣو 25 ﻣﺻرﯾﺎ وإﺻﺎﺑﺔ ﺧﻣﺳﯾن آﺧرﯾن.
ﻓﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎع ﺗم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ «ھدﻧﺔ» ﻟﻣدة ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم ﻻﻣﺗﺻﺎص اﻻﻧﻔﻌﺎل واﻟﻐﺿب وﻣﺣﺎوﻟﺔ إطﻔﺎء اﻟﺣرﯾق اﻟﻣﺷﺗﻌل.

 ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق طرﺣت ﻓﻛرة ﺗﺷﻛﯾل ﻟﺟﻧﺔ ﻟﺗﻘﺻﻲ ﺣﻘﺎﺋق ﻣﺎ ﺟرى ﺗﻣﮭﯾدا ﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋن اﻟﻔﺎﺟﻌﺔ.

ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﺗم ﺗداول ﻣﻘﺗرﺣﺎت اﻟوﺳﺎطﺔ اﻷھﻠﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطرﻓﯾن.
ﻓﻣن ﺣدﯾث ﻋن وﺳﺎطﺔ ﺷﯾﺦ اﻷزھر ودور ﻟﻌﻠﻣﺎﺋﮫ، إﻟﻰ ﺣدﯾث آﺧر ﻋن دور ﻟﻠﺳﻠﻔﯾﯾن،

وأﺑرز اﻷھرام ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺣﺗﮫ اﻷوﻟﻰ أﻣس ان ﻧﺟوم ﻛرة اﻟﻘدم أﺑدوا اﺳﺗﻌدادھم ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑذﻟك اﻟدور.
ﺑﺎﻟﺗوازي ﻣﻊ ذﻟك طرح رﺋﯾس اﻟوزراء ﻣدﺧﻼ ﺗﻧﻣوﯾﺎ ﻟﻸزﻣﺔ، ووﻋد ﺑﺎﻻھﺗﻣﺎم ﺑﮫ ﻟﯾس ﻓﻲ أﺳوان وﺣدھﺎ وﻟﻛن ﻓﻲ ﻣﺣﺎﻓظﺎت اﻟﺻﻌﯾد اﻟﺗﻲ أھﻣﻠﺗﮭﺎ ﺧطط اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ.

ھذه ﻣﻼﺣظﺔ أوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﮭد ﻟﺧﺻﺗﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ اﻋﺗﺑرﺗﮫ ﺗﻌﺎﻣﻼ ﻋﻘﻼﻧﯾﺎ وﻣوﺿوﻋﯾﺎ، ﻟم ﯾﻌول ﻋﻠﻰ اﻟﺣل اﻷﻣﻧﻲ وﺣده اﻟذي ﻧراه ﻓﻲ ﺳﯾﻧﺎء، وﯾﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻣﺷﯾط اﻟﻘرى واﻋﺗﻘﺎل أﻛﺑر ﻋدد ﻣن اﻷھﺎﻟﻲ، وﺗﻌرﯾﺿﮭم ﻟﻠﺗﻌذﯾب واﻻﺳﺗﻧطﺎق واﻧﺗزاع اﻻﻋﺗراﻓﺎت ﻣﻧﮭم.
واﻟﺑﺎﻗﻲ ﺑﻌد ذﻟك ﻣﻌروف، ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر ان ﺗﻠك ﺧﻠﻔﯾﺔ ﺗﻣﮭد ﻟﺗﻠﻔﯾق ﻗﺿﯾﺔ أو ﻋدة ﻗﺿﺎﯾﺎ ﻣن ذﻟك اﻟﻘﺑﯾل اﻟذي ﯾﻌﻣم ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺷطﺎء ھذه اﻷﯾﺎم، ﻓﯾرﺗﮭﻧﮭم ﻓﻲ اﻟﺣﺑس اﻻﺣﺗﯾﺎطﻲ أو ﯾوزع ﻋﻠﯾﮭم اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺟﺎھزة اﻟﺗﻲ ﺗﺗراوح ﺑﯾن اﻟﺣﺑس ﻟﺳﻧﺗﯾن أو ﺛﻼث وﺑﯾن اﻹﻋدام واﻹﺣﺎﻟﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻔﺗﻰ.

اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ان ذﻟك اﻟﻧﮭﺞ ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ ﺻرف اﻻﻧﺗﺑﺎه ﻋن اﻟﮭرج اﻟذي ﺗﻣﺎرﺳﮫ وﺳﺎﺋل اﻹﻋﻼم، اﻟﺗﻲ ﻣﺎ ﺑرﺣت ﺗوزع اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت وﺗﺟرى اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت ﻣن ﺟﺎﻧﺑﮭﺎ، ﻗﺑل إﺟراء أي ﺗﺣﻘﯾق أو ﺗﺣر.

وﻟﻸﺳف ﻓﺈن اﻟﻣﺗﺣدث اﻟﻌﺳﻛري أﺻﺑﺢ ﯾﺷﺎرك ﻓﻲ ذﻟك اﻟﮭرج، ذﻟك اﻧﮫ رﻛب ﺑدوره اﻟﻣوﺟﺔ وﺳﺎرع إﻟﻰ اﺗﮭﺎم اﻹﺧوان ﺑﺎﻟﺿﻠوع ﻓﻲ اﻟﻔﺗﻧﺔ وإطﻼق ﺷرارﺗﮭﺎ.
 اﻷﻣر اﻟذي ﻟم ﺗؤﯾده أﯾﺔ أدﻟﺔ أو ﺣﺗﻰ ﺷﮭﺎدات ﻣن اﻷھﺎﻟﻲ.

وﺑﺎﻟﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﻓﺈﻧﮫ ﻟﯾس ﻟدي اﻋﺗراض ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ ﺗوﺟﯾﮫ اﻻﺗﮭﺎم ﻟﻺﺧوان أو ﻏﯾرھم، وﻟﻛن اﻋﺗراﺿﻲ ﯾﻧﺻب ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺳرع ﻓﻲ ذﻟك ﻗﺑل إﺟراء أي ﺗﺣﻘﯾق ﻧزﯾﮫ.
ﻋﻠﻣﺎ ﺑﺄن ذﻟك اﻟﺗﺳرع ﺗﺳﺑب ﻓﻲ ﺗراﺟﻊ ﺻدﻗﯾﺔ اﻟﻣﺗﺣدث اﻟﻌﺳﻛري ﻣﺛﻼ، ﻷﻧﮫ ﻓﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻵوﻧﺔ اﻷﺧﯾرة،
ﺛم ﺗﺑﯾن أن اﻟﺣوادث اﻟﺗﻲ أﺷﺎر إﻟﯾﮭﺎ ﻗﺎﻣت ﺑﮭﺎ ﺟﻣﺎﻋﺔ أﻧﺻﺎر ﺑﯾت اﻟﻣﻘدس ﻓﻲ ﻣرة، وﻣﺎ ﺳﻣﻲ ﺑﺄﺟﻧﺎد ﻣﺻر ﻓﻲ ﻣرة ﺛﺎﻧﯾﺔ.

اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ان رﺋﯾس اﻟوزراء ﺣﯾن ذھب إﻟﻰ أﺳوان ﻟﻛﻲ ﯾﻌﺎﯾن اﻟﻣﺷﮭد ﻋﻠﻰ اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﺻطﺣب ﻣﻌﮫ وزﯾري اﻟداﺧﻠﯾﺔ واﻟدﻓﺎع.
وﻗد ﻛﺎن ﻣﻔﮭوﻣﺎ ان ﯾذھب وزﯾر اﻟداﺧﻠﯾﺔ، إﻻ أن اﻧﺗﻘﺎل وزﯾر اﻟدﻓﺎع اﻟﺟدﯾد ﺑدا اﻣرا ﻣﺳﺗﻐرﺑﺎ، ﻷﻧﮫ أﻋطﻰ اﻧطﺑﺎﻋﺎ ﺑﺄن ﺛﻣﺔ ﺣرﺑﺎ ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب اﺳﺗدﻋت وﺟوده ﻋﻠﻰ «اﻟﺟﺑﮭﺔ».
ﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك ﻓﺈن ﺛﻣﺔ ﻗﯾﺎدة ﻟﻠﻣﻧطﻘﺔ اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ ﻣﻘرھﺎ أﺳﯾوط إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ أﺳوان، ﺑﺎﻟﻘرب ﻣن اﻟﺣدود اﻟﺟﻧوﺑﯾﺔ. ووﺟود ﻣن ﯾﻣﺛل اﻟﻘﯾﺎدﺗﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺳرح اﻟﺣدث ــ إذا ﻛﺎن ﺿرورﯾﺎ ــ ﯾؤدي اﻟﻐرض.

اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟراﺑﻌﺔ ان اﻟﺗﺣرﻛﺎت اﻷھﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻌت إﻟﻰ اﺣﺗواء اﻟﻣوﻗف وردت ﻓﻲ ﺛﻧﺎﯾﺎھﺎ أﺳﻣﺎء اﻟرﯾﺎﺿﯾﯾن واﻷزھرﯾﯾن واﻟﺳﻠﻔﯾﯾن، ﻟﻛﻧﻧﺎ ﻟم ﻧﻠﻣﺢ إﺷﺎرة إﻟﻰ دور ﻟﻸﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧرى ﻣﻧﺗﺳﺑﯾﮭﺎ ﻓﻲ اﺳﺗدﯾوھﺎت اﻟﺗﻠﯾﻔزﯾون ﻛل ﻣﺳﺎء.
ﺣﺗﻰ اﻟﻣﺟﻠس اﻟﻘوﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻟم ﻧﺳﻣﻊ ﻟﮫ ﺻوﺗﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﻌﻣﻌﺔ.

اﻟﻣﻼﺣظﺔ اﻟﺧﺎﻣﺳﺔ اﻗﺗﺑﺳﮭﺎ ﻣن اﻟﺗﻘرﯾر اﻟذي ﻧﺷره اﻷھرام أﻣس ﻣن ﻣﺳرح اﻟﺣدث، وﺳﻠط اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﺟﺎﻧب ﻣﮭم ﻣن اﻟﺧﻠﻔﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻸزﻣﺔ.
ﻓﻘد ﻧﻘل ﻋن ﺻﺎﺣب ﻣﻘﮭﻲ ﻓﻲ أﺳوان ــ اﺳﻣﮫ ﺳﻌﯾد ﻣﺣﻣود ــ ﻗوﻟﮫ ان ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔوﺿﻰ واﻟﻔراغ واﻟﺑطﺎﻟﺔ أﺻﺎﺑت ﻣﻌظم أھﺎﻟﻲ أﺳوان ﺑﻌد ﺛورة 25 ﯾﻧﺎﯾر.
ذﻟك ان ﻏﯾﺎب اﻟﺳﯾﺎﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﯾﻧﺔ أدى إﻟﻰ ﺗﺳرﯾﺢ ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن اﻟﻌﻣﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻧﺎدق، ﻣﻣﺎ أﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﯾﻊ، اﻟﮭﻼﻟﯾﺔ واﻟداﺑودﯾﺔ اﻟذﯾن ﯾﻣﻠﻛون ﻋددا ﻣن اﻟﻣﺗﺎﺟر اﻟﺳﯾﺎﺣﯾﺔ واﻟﻣﻘﺎھﻲ ﻛﺎن ﯾرﺗﺎدھﺎ اﻟﺳﺎﺋﺣون ﻣن ﻣﺧﺗﻠف أﻗطﺎر اﻟﻌﺎﻟم، وﺗدر ﻟﮭم دﺧﻼ ﺟﯾدا.
وھﻲ اﻟﺿﺎﺋﻘﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل ﺗرﺑﺔ ﻣواﺗﯾﺔ ﻹﺷﺎﻋﺔ اﻟﺗوﺗر واﻧﻔﺟﺎر اﻟﻌﻧف.

ﻻ ﺗﻘﻠل ﺗﻠك اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﻣن ﺷﺄن اﻟﺟﮭد اﻟﻣﺑذول ﻻﺣﺗواء اﻷزﻣﺔ، ﺣﯾث أﻛرر اﻟزﻋم ﺑﺄن ﻣﺟرد ﺣﺿور اﻟﻌﻘل ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮭﺎ ﯾﻌد أﻣرا ﻣطﻣﺋﻧﺎ، ﺧﺻوﺻﺎ ان ﻟدﯾﻧﺎ ﺧﺑرة ﻛﺎﻓﯾﺔ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﻧﺎ ﺑﺄن ﻧﺣذر ﻣن ﻣﻐﺑﺔ ﺗﻐﯾﯾب اﻟﻌﻘل واﻟﺗﻌوﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺿﻼت واﻟﻘﻣﻊ وﻏﯾر ذﻟك ﻣن ﻣﻔردات اﻟﺣل اﻷﻣﻧﻲ.
وھو ﻣﺎ ﯾﺳوغ ﻟﻲ ان أطرح ﻋدة أﺳﺋﻠﺔ ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:

ﻣﺎ دام اﻟﻌﻘل ﻣوﺟودا، ﻓﻠﻣﺎذا ﻧرى ﻟﮫ ﺣﺿورا ﻓﻲ اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺣﯾن ﻧﺳﺗﺑﻌده وﻧﻧﺣﯾﮫ ﺟﺎﻧﺑﺎ ﺣﯾن ﯾﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺎﻟﺻراع اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ؟
وﻟﻣﺎذا ﺗﮭدر ﺟﮭود ﺗﻘﺻﻲ اﻟﺣﻘﺎﺋق، وﺗوﺻد اﻷﺑواب ﻓﻲ وﺟوه اﻟوﺳﺎطﺎت؟
 وﻟﻣﺎذا ﯾﺑﻘﻰ ذﻟك اﻟﻣﻠف اﻟﻣﮭم ﻓﻲ ﻋﮭدة اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻷﻣﻧﯾﺔ، رﻏم ﻓﺷﻠﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻷﻣن اﻟﻣﻧﺷود طوال اﻷﺷﮭر اﻟﺛﻣﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ؟

صحيفة السبيل الأردنيه الأربعاء  9 جمادى الأخره  1435 –  9 أبريل  2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق