فصل في إجهاض الثورات وتصفيتها


صحيفة الشرق القطريه الثلاثاء   20جمادى الآخره 1434 -  30 أبريل 2013
فصل في إجهاض الثورات وتصفيتها – فهمي هويدي  

أنكون قد دخلنا في طور تصفية الثورة المصرية دون أن ندري؟

(1)

لا أجد مدخلا لعرض الموضوع أفضل من استعادة ما جرى للثورة التي قادها رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وتحدى فيها شاه إيران في عام 1951. ذلك أن مصدق كان يقود وقتذاك الجبهة الوطنية أو «جبهة ملى»، التي كان من بين أهدافها تأميم النفط الإيراني وتخليص البلاد من هيمنة البريطانيين والأمريكان، لم يكن الرجل غريبا على المشهد السياسي. لأنه كان وزيرا سابقا ونائبا في البرلمان وقياديا وطنيا مرموقا، فانتخبه البرلمان رئيسا للوزراء في ذلك العام (1951) لكنه بعد يومين من انتخابه أصدر قرار تأميم النفط، الأمر الذي استفز واستنفر الإنجليز والأمريكان والشاه وطبقة الملاك المرتبطة به. وحين أعلن عن اعتزامه وضع خطة لتطبيق الإصلاح الزراعي وتحديد ملكية الأراضي خاصمته المؤسسة الدينية وتخلت عن تأييده، واعتبره بعض رجال الدين من فقهاء السلطان معاديا للإسلام والشريعة.
ادعت بريطانيا على مصدق أمام محكمة العدل الدولية بزعم انتهاك حقوقها النفطية، فسافر بنفسه إلى لاهاي مدافعا عن حقوق بلاده النفطية، ووصف بريطانيا بأنها «دولة إمبريالية تسرق قوت الإيرانيين المحتاجين». وفي طريق عودته مر بالقاهرة حيث استقبله النحاس باشا واحتفت به الجماهير وهو في طريقه من المطار إلى فندق «شبرد» الذي أقام فيه.
لم يكن هناك مقر من مواجهة مصدق والسعي لإجهاض ثورته، فلجأت بريطانيا إلى فرض حصار دولي على النفط الإيراني بدعوى أن حكومته انتهكت حقوق شركة بريتش بتروليوم التي تملك لندن الحصة الأعظم في ثروتها، ومن ثم مارست ضغطا اقتصاديا أسهم في تردي الأحوال المعيشية للإيرانيين ومن ثم تعبئة الناس ضد حكومة مصدق، أما الولايات المتحدة التي اعتبرت إيران قاعدة مركزية لها في مواجهة السوفييت فإنها أوفدت إلى طهران اثنين من رجال المخابرات المركزية للقيام بما يجب لإسقاط الحكومة.
الاثنان ــ كيرميت روزفيلت ونورمان شوا رزكوف ــ خططا للمهمة التي أطلق عليها اسما سريا هو «العملية اجاكس» (تسمى بالفارسية «انقلاب 28 مرداد)، وكانت خطواتها كالتالي:
ــ تشويه صورة مصدق بإطلاق مظاهرات معادية له روجت لها وسائل الإعلام المحلية الدولية. حتى وصفته صحيفة نيويورك تايمز بالديكتاتور وشبهته بهتلر وستالين. وقالت صحيفة التايمز البريطانية إن ما أقدم عليه مصدق يعد أسوأ كارثة حلت بالعالم الحر الرافض للشيوعية.
ــ تجنيد كبير بلطجية أو زعران طهران ــ اسمه شعبان جعفري ــ وتكليفه بالاستيلاء على الشوارع الرئيسية بالعاصمة من خلال رجاله الذين تم استدعاؤهم في باصات من أنحاء البلاد. وهؤلاء تجهروا في الشوارع وقاموا بإطلاق الهتافات الرخيصة التي حطَّت من قدر وهيبة الدكتور مصدق. وقامت باغتيالات للشخصيات الوطنية حتى لقي 300 شخص مصرعهم في شوارع العاصمة، التي خيم عليها الذعر وشاع الخوف. التواطؤ مع بعض قادة الجيش على قصف منزل الدكتور مصدق، وهي العملية التي قادها الجنرال فضل الله زاهدي الذي كان شاه إيران قد عينه في منصب رئيس الوزراء بدلا من مصدق، قبل هروبه من طهران إلى إيطاليا عبر العراق.
نجحت مهمة كيرميت روزفلت الذي كان قد حمل هو ورفيقه المال اللازم لتمويل كل مراحل العملية. إذ انتهى الأمر بإلقاء القبض على الدكتور مصدق وإصدار حكم بإعدامه، خففه الشاه الذي عاد منتصرا إلى السجن ثلاث سنوات، ثم تحديد إقامته بقية عمره منفيا في قرية أحمد أباد الواقعة شمالي إيران، التي ظل فيها حتى وفاته في عام 1967.

(2)

قبل مغادرة المشهد الإيراني أذكرك بثلاثة أمور أرجو أن تظل حاضرة في ذهنك ونحن نطل على المشهد المصري. أولها أن حملة إسقاط مصدق وإجهاض ثورته بدأت بالحصار الاقتصادي الذي استهدف التضييق على الناس وإقناعهم بأن الوضع المستجد أسوأ من سابقه. الأمر الثاني أن عملية «اجاكس» التي مولتها المخابرات المركزية استخدم عملاؤها ثلاث فئات تولت مهام تنفيذها تمثلت في الإعلام والبلطجية وبعض عناصر الجيش. الأمر الثالث أن العملية استغرقت سنتين من عام 1951 إلى عام 1953.
ونحن في صدد الخبرة والعبرة ألفت الانتباه إلى أن إجهاض الثورات الثلاث لم يعد فيه سر إلا في التفاصيل الدقيقة، لأن الباحثين الغربيين بوجه أخص حولوا الموضوع إلى علم يدرس في الجامعات، بعد أن أخضعوا ثورات العالم للتحقيق والدراسة، حتى توفرت لدارسي وأساتذة العلوم السياسية مراجع مهمة تشرح للطلاب خلفيات الثورات وأسباب نجاحها وعوامل فشلها، وهؤلاء يعرفون جيدا أسماء كرين برينتون وباريجثون مور وتيدا سكوتشبول وجاك جولدستون، الذين يعدون أشهر منظري الثورات في العالم. وهم من عكفوا على دراسة الثورات الكبرى في أوروبا وأمريكا اللاتينية إضافة إلى الثورة الإيرانية. ومنهم من تابع أجيال الثورات ورصد مؤشراتها وتفاوت خبراتها، الأمر الذي وفر لنا حصيلة جيدة تمكننا من الإجابة على السؤال: ما هي أعراض وعوامل إجهاض الثورات وتصفيتها.

(3)

لا مجال للحديث عن التدخل الخارجي. المتمثل في الغزو المسلح أو التمويل المالي، لأن الخارج له حساباته ومصالحه مشروعة كانت أم غير مشروعة ومن الطبيعي أن يسعى إلى الدفاع عنها بكل السبل، ولذلك فإنه حين يحاول التدخل المذكور فإنه يؤدي واجب الدفاع عن تلك المصالح. ومسلكه يصبح مفهوما من هذه الزاوية، حتى وإن لم يكن مقبولا. لذلك فالمشكلة الأساسية ليست في احتمالات التدخل الخارجي، ولكنها غالبا ما تكمن في هشاشة الداخل وتمزقاته التي توفر حالة القابلية لإجهاض الثورة. ولا تفوتنا في هذا السياق الإشارة إلى حالات أخرى لا تحتاج الثورة إلى تدخل من الخارج لإجهاضها، لأن عوامل الداخل تحقق التصفية المطلوبة، ومن ثم تتكفل بتحقيق المراد دونما حاجة إلى جهد التدخل الخارجي.
منظرو الثورات يعتبرون أن تصفية الثورات تتحقق من خلال العوامل التالية:
ــ تدهور الوضع الاقتصادي من خلال شل حركة الإنتاج وإغلاق الطرق ووقف التصدير للخارج الأمر الذي من شأنه إغلاق بعض المصانع وزيادة عدد العاطلين، الذين يمكن تجنيدهم لمهام أخرى فضلا عن اتجاه بعضهم إلى الانخراط في أنشطة تخل بالأمن.
ــ ضرب السياحة التي تعد العصا السحرية لإنعاش الاقتصاد بما تحققه من عائد سريع يحدث أثره في قطاعات واسعة بالمجتمع.
ــ إشاعة عدم الاستقرار في البلد، من خلال نشر الفوضى وتشجيع الإضرابات والاعتصامات وإقناع أكبر عدد ممكن من الأهالي بأن أمانهم مفقود، ليس في عيشهم فقط ولكن في حياتهم أيضا، والبلطجية دورهم أساسي في هذه العملية، باعتبار أنهم الأقدر على الترويع وتوزيع الخوف على قطاعات المجتمع.
ــ استثمار المنابر الإعلامية في إحداث أكبر قدر من التشويه للحاضر والتشكيك في المستقبل. وفي هذا الصدد فإن التلفزيون بتأثيره الخطير في المجتمع يعد أفضل وسيلة للقيام بهذه المهمة، الذي لا تتجاوز حدود التشويه إلى تجريح صوره القائمين على الأمر والحط من أقدارهم ورفع منسوب الجرأة عليهم إلى حد إهانتهم في وسائل الإعلام المختلفة.
ــ تشجيع العصيان المدني والسعي إلى توسيع نطاقه لكي تشارك فيه قطاعات واسعة من المجتمع.
ــ إثارة النعرات الطائفية والعداوات العرقية، بما يؤدي إلى تفتيت المجتمع وشرذمته، ومن ثم تغييب فكرة الإجماع الوطني.
ــ توفير الغطاء السياسي للعنف لإتاحة الفرصة للقوى المناوئة أن تسهم في توتير المجتمع وترويعه، إلى جانب ترهيب الأجهزة الرسمية.
ــ تعميق الاستقطاب السياسي من خلال إثارة خلافات الفرقاء السياسيين ووضع العراقيل أمام التوافق فيما بينها، ومن ثم دفعهم إلى أبعد نقطة في الفراق، بحيث يغدو العيش المشترك متعذرا، وتصبح المفاصلة خيارا وحيدا.
ــ كسر هيبة السلطة ورفع منسوب الاجتراء والتطاول عليها، لكي يصبح إسقاطها احتمالا واردا وغير مستبعد.
ــ الوقيعة بين مؤسسات الدولة، خصوصا تلك التي تحمل السلاح، لكي يصبح الاحتكام إلى السلاح أحد البدائل المطروحة لحسم الخلافات.
ــ إفشال مخططات إقامة النظام البديل ووضع العراقيل أمام محاولات إقناع الناس بأن ثمة بديلا جديدا يلوح في الأفق، لأن استمرار الفراغ والإبقاء على أنقاض النظام السابق على الثورة كما هي، يسهل عملية استبدال النظام المستجد بغيره.
ــ تحسين صورة النظام السابق لإذكاء مشاعر الحنين إليه، بعد أن تشحب مساوؤه في الذاكرة، خصوصا في ظل استمرار معاناة الناس بعد الثورة جراء الحصار المفروض عليها.

(4)

لعلك لاحظت أن ما يقول به منظرو الثورات في الوقت الراهن بمثابة تفصيل لما فعله كيرميت روزفلت في طهران قبل نحو ستين عاما، بعد أن تم تطوير الأفكار خلال تلك الفترة. ولابد أيضا أنك لاحظت أن مقولات أولئك المنظرين تكاد تنطبق على ما يجري في مصر هذه الأيام. كأنهم حين توصلوا إلى تلك الخلاصات كانوا يقرأون دفتر أحوال مصر في ظل حكم الرئيس محمد مرسي. ولا أعرف إن كنت لاحظت أم لا أن «طبخ» إسقاط الدكتور مصدق استغرقت سنتين، بين عامي 51 و53، وأن الثورة المصرية مرت عليها سنتان الآن. صحيح أن النظام في مصر لا يزال صامدا، إلا أن ثمة انقلابا في الأفكار والخرائط لابد أن يثير الانتباه. آي ذلك أننا صرنا نسمع أصواتا عالية باتت تتحدث علنا عن عدم شرعية الرئيس مرسي وتراهن على ثورة أخرى وتدعو إلى استدعاء الجيش وتنصب الرئيس السابق الذي برأته المحاكم زعيما للمعارضة! ولا تسأل عن هيبة النظام بعد اتهام رئيسه بالخيانة وحديث إحدى الصحف عن أنه كان جاسوسا للأتراك!
سواء كان التطابق بين ما يحدث في مصر وبين وصفات إسقاط النظام التي استخلصها منظرو الثورات مجرد مصادفة أو أنه أمر مرتب من جانب الذين التقت مصالحهم عند تحقيق ذلك الهدف، فالثابت أن ما يجري في البلد يمثل سيرا حثيثا على الطريق الموصل إلى تلك النتيجة.
أدري أن نصائح أولئك المنظرين ليست قرآنا، وأن النتيجة التي توخوها ليست قدرا لا فكاك منه، لذلك أزعم أن أداء الرئيس مرسي وحده الذي يمكن أن ينقذ البلد من المصير الذي يراد له، ومن ثم يحبط ما أعده سحرة فرعون، والعكس صحيح بطبيعة الحال، لذلك أزعم أن الزمام لم يفلت من يديه بعد. إذ بوسعه أن يلقي العصا التي تلقف ما يأفك الآخرون. كما فعل النبي موسى مع سحرة فرعون في القصة القرآنية ــ أما إذا لم يفعل فعليه أن يتحمل تبعة إحجامه، وإنا لمنتظرون.

أبو العلا ماضي لـ"الشرق": لا مبرر لبقاء حكومة قنديل


أكد المهندس أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط  المصري أن من الأخطاء التي ارتكبت في مصر بعد الثورة عدم عقد محاكمات ثورية منذ البداية.
وقال فى حواره مع "الشرق": "الرئيس السابق مبارك مدان لكن المشكلة تكمن في طريقة محاكمته، ليس لأن الأدلة غير كافية، لكن لتواطؤ النيابة العامة في ذلك الوقت على عدم تقديم الأدلة الكافية".
وحول استقالة وزير العدل المستشار أحمد مكي، أكد ماضي أنها ليست في موضوعها، وقال:" لأننا كنا نطالب بإقالته لأنه لم يتحرك بما فيه الكفاية لمواجهة الثورة المضادة من داخل القضاء، كما أنه وصلته بلاغات عن فساد داخل القطاع القضائي ولم يحرك فيها ساكناً، لذا حين طلبنا باستقالته، استقال".
مستشار الرئيس
وعن استقالة المستشار القانونى للرئيس، المستشار محمد فؤاد جاد الله، قال أبو العلا ماضي، لم أطّلع على أسباب استقالته، لكنه تصرف خاطيء، لأن أغلب القضاة الذين يتولون هذه المناصب لديهم عصبية الانتصار للقضاء الذى ينتمون له أكثر من الانتصار للحق، ولأنهم تأثروا بغضب كثير من زملائهم حاولوا إظهار انتماء للمجموعة القضائية.
انقلاب الجيش
وحول ما يردده الإعلام المصرى من دعوات لقيادات الجيش والمجلس العسكرى للانقلاب على الرئيس، أكد "ماضي" أن هذه المطالبات لازالت محدودة ولم ترقى لمستوى المطالبة الشعبية لكن الإعلام فقط هو الذى يضخم منها، قائلاً: "من يرددون هذا الكلام هم نخبة فاشلة جماهيرياً وتريد تحريض الجيش للانقلاب ليعود ويحكم من جديد وقد التقيت بعدد من كبار قيادات الجيش وكان معي الدكتور محمد محسوب وزير الشئون القانونية والبرلمانية السابق وقالوا لنا "ولاؤنا للرئيسمرسي ولن يحدث انقلاب على الشرعية وهناك طرفان يؤذوننا الأول من يدعوننا للنزول والانقلاب لأنهم فشلوا في الشارع، والطرف الثاني الذين يتحدوننا بالمواجهة إن نزلنا".
وأضاف نقلاً عن قيادات بالجيش: "قالوا إن مرسى رئيسنا وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهذه هى الشرعية التي أتت به، ومن يريد تغييره عليه بصندوق الانتخابات ولن نستجيب لدعوات الذين فشلوا في الشارع لأنهم من وقت لآخر يخترعون سيناريوهات غير الاحتكام للارادة الشعبية".
وشدد رئيس حزب الوسط المصري على ضرورة التمسُّك بالأساليب الديمقراطية التى من أجلها قمنا بثورة، إلا أن البعض يحاول أن يلجأ للعنف، كما أن هذه المجموعة لا تملك العنف، لكنها تهيئ له المناخ ثم يأتى بلطجية النظام القديم ليمارسوا هم العنف لأنهم متربصون حتى ينقضوا على أى شيء، مُتاعباً:" لكن بهذه الطريقة لن يصلوا إلى السلطة، والطريقة الوحيدة هى طريق الديمقراطية وعليهم أن ينزلوا إلى الشارع ويبنوا أنفسهم ويبنوا قواعدهم وأن يشاركوا في الانتخابات، وبالتدريج قد يزيدون في التمثيل إن اقنعوا الشعب".
أزمة القضاة
وحول أزمة القضاة، وما يقال عن أخونة المؤسسة القضائية لإذا أقر قانون السلطة القضائية وأصبح واجب التطبيق وتسريح خبرات كبيرة ومهمة، قال ماضي: "غير صحيح، وهذه أكذوبة يروجونها حتى يمنعوا تطوير قطاع القضاء، وكان من المعروف أن الرئيس السابق حسنى مبارك كان يجدد مد سن الخروج للمعاش للقضاة كل سنتين لاستمالتهم ولاغراء بعضهم وتقريبهم منه، مخالفاً بذلك كل قواعد تحديد سن المعاش فى كل المهن".
وتساءل ماضي:" كل الخبرات موجودة فى كل القطاعات فلماذا يستثنى القضاء وحده؟! لماذا لا يمدد سن المعاش للقطاع الدبلوماسى أو للأطباء أو المعلمين أو الجيش أو الشرطة؟!"، مؤكداً في الوقت ذاته أن مشروع قانون السلطة القضائية الذي تقدم به حزبه لمجلس الشورى لم يكن هناك ترتيب مسبق بشأنه مع حزب الحرية والعدالة، مؤكداً أن الوسط قرر ذلك بشكل مفاجيء ليضع الحزب الحاكم أمام نفسه وأمام الشعب وأن عليه أن يناقش القانون ويساعد فى تمريره لأنه صاحب الأغلبية.
رئيساً للحكومة
ونفى ماضي أن يكون قد عرض عليه منصب رئيس الوزراء وتشكيل حكومة جديدة خلفاً للدكتور هشام قنديل، مُصرّحاً: "لم يحدث هذا الأمر لا بالتصريح ولا بالتلميح وكان أحد الأصدقاء قد رشح اسمي لكني اعتذرت قبل أن تصل الترشيحات للرئاسة، ورجوتهم ألا يبلغوا بها، كما لم يذكر اسم عصام سلطان في أي تشكيل، لكن ما أعلمه أنه الآن يجري التحضير لتعديل وزاري، لكن التعديل دون تغيير وزاري كامل لا قيمة له وكان هذا سبباً لرفض الكثير ممن عرضنا عليهم ترشيح أسمائهم لبعض الوزارات.
قنديل يرحل
وحول تقييمه لأداء مؤسسة الرئاسة قال ماضي الرئاسة أداؤها معقول، لكن الحكومة أداؤها سييء، فيما أبدى تعجباً من تمسك الرئيس مرسي برئيس الحكومة الحالى الدكتور هشام قنديل، موضحاً: "كان في الأول لدى الرئيس مبرران للتمسك بهشام قنديل، الأول أنه لايريد تعطيل المفاوضات مع صندوق النقد، والثاني أنه لا يريد تأجيل الانتخابات وكان هذا قبل قرار المحكمة بتأجيل الانتخابات، لكن الآن تبدد السببان، فمباحثات الصندوق متعثرة والانتخابات تأجلت بفعل قرار المحكمة ولا مبرر الآن لتأجيل قرار تغيير الحكومة".
واختتم ماضى بتقييم المعارضة فى مصر قائلاً: "أداء المعارضة خارج جبهة الإنقاذ أفضل بكثير من المنضوين تحت لواء الجبهة، لأن الأحزاب البعيدة عن الجبهة تعارض بجدية، كحزب الوسط وغد الثورة وغيرهما لأنهم يحقون الحق وما يرونه إيجابياً يشيدون به وما يرونه سلبياً ينتقدونه، أما معارضة جبهة الإنقاذ فهي تتبنى مبدأ معارضة النظام ما حيينا، وينتقدون كل شيء لمجرد النقد حتى لو نفذ النظام ما طلبوه يوماً، ينقلبون عليه ويطلبون العكس، فهناك جزء منهم يسعى لتوتير الموقف لأنه بلا وجود قوي في الشارع، فأصبح ما يفعلونه هو مكايدة سياسية، وعليهم أن يكونوا معارضة حقيقية وبناءة".

تاريخ الثورة الجديد


صحيفة الشرق القطريه الاثنين   19جمادى الآخره 1434 -  29 أبريل 2013
تاريخ الثورة الجديد – فهمي هويدي

الآن تعاد كتابة تاريخ الثورة المصرية من جديد.
 فأحدث طبعة من ذلك التاريخ تقول

 إن مبارك كان بريئا ومظلوما.
وأنه لم يكن متجها لتوريث السلطة لابنه،
ثم إنه كان متفهما ومتعاطفا مع الشباب الذين خرجوا إلى ميدان التحرير،

أما العادلي ومعاونوه فهم أبرياء من دماء الثوار الذين قتلوا في الميدان، لأن الإخوان هم الذين اعتلوا الأبنية وميليشياتهم هي التي قتلت الثوار، وهي التي دبرت ما سمي بموقعة الجمل.

أما المعلومة الأهم التي طالعناها أخيرا في الطبعة الجديدة فهي أن الذين خرجوا إلى ميدان التحرير وأسقطوا النظام لم يكونوا كلهم من الثوار المصريين، ولكن رجال حماس كانوا هناك أيضا، بل إن لهم الفضل فيما تحقق.
والدليل على ذلك أنهم تمترسوا وراء المتحف المطل على الميدان وجهزوا «مقلاعا» كان له دوره في حسم الموقف.

هذا الكلام ليس هزلا ولا هو افتراء من جانبي، لكن بعضه ورد في حوار منشور أجري مع محامي الرئيس السابق
 والبعض الآخر تضمنته نصوص لمكالمات هاتفية نشرتها صحيفة المصري اليوم، وادعت أنها تمت بين قيادات الإخوان وبين عناصر من حركة حماس.

 لا يهمنا الجزء الأول الذي يخص مبارك وأعوانه، لأن الشعب الذي عزل الرجل وأسقط نظامه كان قد أدانه وقلب صفحته،
 وبالتالي فإن أي محاولة لتبرئته وتبييض صفحته تعد من قبيل الهزل الذي لا ينبغي أن يؤخذ على محمل الجد،

أما الذي يستحق أن نرده فهو ذلك العبث الذي استهدف تشويه الثورة وبخسها حقها، بما يعطي انطباعا بأنها مجرد مؤامرة دبرتها حركة حماس مع الإخوان.
وهو ما يعد إهانة للثورة وإهدارا لدماء الشهداء واستخفافا بآلاف المصابين والمعاقين، الذين قدموا ما قدموا من تضحيات دفاعا عن كرامتهم وحريتهم.

أدرى أن هناك من يرفضون الإخوان ويكرهون حماس، والرفض حق لكل أحد،
ولكن كراهية حماس التي غرسها ورعاها نظام مبارك لاتزال غير مبررة أو مفهومة.

ذلك أنه ما من كارثة أو مصيبة باتت تحل بمصر إلا ويحاول البعض الزج بحماس فيها.
وحين لا تكون هناك نازلة من هذا القبيل أو ذاك فإننا لا نعدم أخبارا تسرب إلى الصحف متحدثة عن أعمال تخريبية تنتوي حماس القيام بها في البلد، بواسطة مندسين يتسللون عبر الحدود والأنفاق.

ورغم غزارة التقارير والأخبار التي تحدثت عن شرور حماس ومؤامراتها فإننا لم نصادف إعلانا رسميا أو تحقيقا قضائيا جادا أيد التهم والمزاعم التي يجري الترويج لها بين الحين والآخر.

لقد اعتدنا على الكذب والتلفيق في التعامل مع ذلك الملف، لذلك ما عادت تزعجنا أمثال تلك الممارسات من حيث المبدأ، لكن ما يثير القلق حقا هو تدهور مستوى الكذب والتلفيق.

أفرق هنا بين الكذب المتقن الذي ينم عن حرفية وإتقان، والكذب المفضوح الذي يكشف مدى خيبة صاحبه وتدهور مستواه.
والمكالمات السرية التي جرى إبرازها والتهليل بها أخيرا من ذلك الصنف الأخير الذي يؤدي إلى فضح الفاعلين، بأكثر مما يسيء إلى الذين أريد الإساءة إليهم.

إذ لم تكن موفقة فكرة الزج بحماس في ميدان التحرير ومن ثم تجريح صور الثوار المجتمعين فيه.
ولم تكن مفهومة مسألة الاستعانة «بالجيران» في غزة، خصوصا أن الذين تحدثت عنهم المكالمات المزعومة أحضروا معهم من غزة «مقلاعا» لأداء مهمتهم.

والمقلاع لمن لا يعرف أقرب وأكبر مما نسميه في مصر «النِّبلة» التي يتم بها اصطياد العصافير.

وكان مستغربا أن تنسب إحدى المكالمات لقيادي إخواني قوله لنظيره الحمساوي إن الفضل لهم في إنجاح الثورة،
 كما أنه ليس مألوفا أن يختم القيادي الإخواني اتصاله مع نظيره الفلسطيني بقوله سلام، فيرد عليه الآخر بنفس الكلمة: «سلام». وهو ما لا ينطق به «سلفيو كوستا»!

يطول الحديث إذا ما رصدنا مظاهر التدني في مستوى التلفيق، الذي لا يليق بكذوب محترم وما لا ينبغي له أن يغيب عن المسؤولين في أي جريدة محترمة،
لكن التلهف على الوقيعة والإصرار على إعادة كتابة تاريخ الثورة بأي كلام كانا فيما يبدو وراء التسرع في نشر المكالمات المزعومة دون أية قراءة متمعنة فيها.

في 17 سبتمبر عام 2010 لعبت جريدة الأهرام في صورة منشورة على الصفحة الأولى. حين أعادت تركيبها ووضعت مبارك متقدما على أوباما والملك حسين ومحمود عباس ونتنياهو، أثناء توجههم للاجتماع في شرم الشيخ.
 وكانت الفضيحة التي ترددت أصداؤها في صحافة العالم.

وما حدث مع المكالمات الملفقة يكرر نفس الفضيحة، الأمر الذي لا تفسير له سوى أن مدرسة مبارك الصحفية لاتزال ثابتة «العهد»، فلم تغير شيئا من مناهجها أو مقاصدها.

السياسة وليس القضاء


صحيفة الشرق القطريه الأحد   18جمادى الآخره 1434 -  28 أبريل 2013
السياسة وليس القضاء – فهمي هويدي


في عالم السياسة لا يكفي أن تكون صاحب قضية عادلة، لأنك لكي تكسبها ينبغي أن تختار الوقت المناسب لإثارتها، والأسلوب المناسب لعرضها،

 أقول ذلك بمناسبة الضجة المثارة في مصر هذه الأيام بسبب مناقشة مشروع قانون السلطة القضائية أمام مجلس الشورى.
وهو ما اعتبره البعض مذبحة للقضاة تارة وأخونة للقضاء تارة أخرى وهدما لصرح العدالة في مصر عند فريق ثالث.

كنا خارجين لتونا من أزمة بلدة الخصوص والتوتر الطائفي الذي عاشته مصر عقبها،
وكانت تلك مجرد حلقة في مسلسل الأزمات التي عبرت عنها ممارسات جماعات «الألتراس» والمليونيات التي كادت تتحول إلى طقس أسبوعي.

وبموازاة ذلك عشنا مشاهد أزمة النائب العام وتبرئة مبارك من بعض القضايا المرفوعة ضده.
وفي حين انشغل البعض بإعادة مبارك إلى سجن طرة بعد ظهوره متعافيا ومبتسما وملوحا لأنصاره،
فإن آخرين انشغلوا بالأزمة التي حدثت بين السلفيين والإخوان والجفوة التي نشأت بين الطرفين.

في هذه الأجواء عرض مشروع قانون السلطة القضائية على مجلس الشورى، وأحدث ما أحدثه من فرقعة وضجيج، حتى تحول إلى عنوان رئيسي للصحف اليومية، الأمر الذي أثار غضب رجال القضاء والنيابة فتجمعوا وأدانوا وهددوا.
من ثَمَّ دخلنا في معركة جديدة جعلت المشهد المصري أكثر سخونة وتعقيدا.

اشتباك بعض الزعامات القضائية مع النظام لم يكن جديدا.
ذلك أنه لم يعد سرا أن العلاقة بين الطرفين ليست على ما يرام على الأقل منذ أعلن رئيس نادي القضاة في ٧ يونيو الماضي صراحة مخاصمته للنظام القائم ورفضه التعامل معه وقبول أي شيء منه،
كما لم يعد سرا أن بعض أحكام القضاء جرى تسييسها تأثرا بتلك الجفوة أو الخصومة.

إلى جانب ذلك فإن مطلب إصلاح القضاء من خلال إصدار قانون جديد للسلطة القضائية يزيل آثار عدوان السلطة وتطويعها لذلك المرفق المهم كان مطلبا ملحا للقضاة أنفسهم منذ ستينيات القرن الماضي، لوقف عمليات الإلحاق والإفساد التي مارستها الأنظمة منذ ذلك الوقت.

ورغم أن مطلب إصدار قانون جديد للسلطة القضائية له مبرراته المقنعة، فإنني اعتبرت أن طرح الموضوع أمام مجلس الشورى في الوقت الراهن لم يكن مناسبا،
على الأقل لأن من شأنه أن يعمق الأزمة بين السلطة والقضاء،
فضلا عن أنه يضيف حريقا جديدا إلى حملة الحرائق المشتعلة فعلا في الساحة السياسية،

في حين أن التهدئة هي المطلوبة لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها قدر الإمكان في مصر،
ثم إنني اعتبرت أن ملف القضاء مهم حقا، لكنه لا يشكل أولوية ملحة في الوقت الراهن لأن ملفي الأمن والاقتصاد يتقدمان عليه.
لذلك قلت إن إشغالنا بملف القضاء سبب لنا تعثرا نحن في غنى عنه،
ثم إنه جاء دليلا على أن ثمة خللا في ترتيب أولويات الهم العام كان يتعين علينا أن نتجنبه.

حين تحريت الأمر تبين ما يلي:

أن الحكومة لم تكن طرفا في الموضوع، خصوصا أنها اختارت من البداية أن تترك الأمور السياسية للرئاسة.

أن الرئاسة كانت مترددة بشأنه، كما أن حزب الحرية والعدالة اختار أن يقف بعيدا عنه، في حين أن حزب الوسط هو الذي أثار الموضوع أمام مجلس الشورى ووضع الجميع أمام الأمر الواقع.

اتصلت هاتفيا بالمهندس أبوالعلا ماضي رئيس حزب الوسط فأيد المعلومتين،
وقال إن فكرة المشروع ليست جديدة، لأن الحزب كان قد قدمها إلى مجلس الشعب (أو النواب) قبل حله بحكم الدستورية العليا،
 ولكن التطورات شهدتها مصر أخيرا اقتضت تطويره وتقديمه مختصرا إلى مجلس الشورى.
وقد أسيء تصويره وتعمد البعض تشويهه.

 فليس صحيحا مثلا أنه يعرض القضاة لمذبحة لأن المذبحة تعتمد على الانتقاء في حين أن المشروع يؤسس لقواعد عامة تصحح أوضاعا وتسري على الجميع.

ومسألة خفض سن التقاعد التي اتخذها البعض ذريعة لتحريض القضاة وتعبئتهم ضد المشروع ليست أهم ما فيه وإنما هي آخر نقطة فيه، وهي بمثابة اجتهاد أيده البعض ورفضه البعض الآخر.

قال المهندس أبوالعلا ماضي أيضا إن المسألة في جوهرها أكبر من حكاية السن، ذلك أن الأطراف التي تقود تحريض القضاة لها موقفها المبدئي الرافض للنظام ومؤسساته المنتخبة، فضلا عن أن لها حساباتها الخاصة التي لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العليا.

خلاصة ما خرجت به من محاولة تحري الموضوع أن القضية باتت جزءا من الصراع السياسي الدائر في مصر وأن المشكلة في الاستقطاب الراهن وليست في سن القضاة أو غيره، وأن المجني عليه في القضية هو الثورة والوطن.

اكتفاء مصر الذاتي من القمح قد يبلغ 65-70% هذا العام


رئيس الوزراء:

 اكتفاء مصر الذاتي من القمح قد يبلغ 65-70% هذا العام

رئيس الوزراء المصري هشام قنديل - ارشيف رويترز
1 / 1
القاهرة (رويترز) - قال رئيس الوزراء المصري هشام قنديل يوم السبت إن بلاده قد تحقق ما يتراوح بين 65 و70 بالمئة من الاكتفاء الذاتي من القمح هذا العام بفضل الزيادة المتوقعة في الإنتاج المحلي.
وتستورد مصر عادة نحو عشرة ملايين طن من القمح سنويا ولكنها تقول هذا العام إنها ستشتري ما يتراوح بين أربعة وخمسة ملايين طن من الخارج آملة في الحصول على باقي احتياجاتها من الإنتاج المحلي.
وأدت الاضطرابات السياسية التي اندلعت في مصر عقب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب عن البلاد مما استنزف احتياطات النقد الأجنبي التي تستخدم في شراء الواردات.
وذكر قنديل أن هناك مؤشرات تظهر أن إنتاج العام الحالي يمكن أن يصل إلى 9.5 مليون طن وهو ما يتماشى مع توقعات مسؤولين آخرين.
وقال رئيس الوزراء للصحفيين في مدينة السويس إن الحكومة ستشتري حوالي 4.5 مليون طن من السوق المحلية بسعر 400 جنيه (58 دولارا) للأردب.
وفي وقت سابق من هذا الشهر قال وزير الزراعة المصري صلاح عبد المؤمن إن البلاد تحتاج إلى نحو تسعة ملايين طن سنويا لتغطية برنامج الخبز المدعم.
وتسبب نقص الخبز في عام 2008 ومشكلات مماثلة في سبعينات القرن الماضي في إثارة أعمال شغب آنذاك في وقت لم تكن فيه المظاهرات شائعة مثلما صارت بعد الانتفاضة.
(إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير مروة رشاد في الرياض)

رسميا الإسلام الدين الثاني في فرنسا



طباعة
رسميا الإسـلام الدين الثاني في فرنسا
وزير الداخلية الفرنسي
صرح وزير الداخلية الفرنسي، مانويل فالس (Manuel Valls)، في بروكسل، أنه في سنوات قليلة أصبح الإسلام الدين الثاني في فرنسا، وازداد معتنقيه عن ستة ملايين مسلم.
وأضاف وزير الداخلية: "لدينا بين 2200 و 2300 مسجد وقاعات للصلاة في جميع أنحاء البلاد. ويجب على فرنسـا وأوربا أن تعترف أن الإسلام متوافق مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة".
وأنهى قائلاً: "والأمثلة قليلة جدًا في تاريخ البشرية على انتشار دين بهذه الطريقة في مثل هذا الوقت القصير".
جاء ذلك في تصريح لصحيفة "لا ليبر بلجيك (La libre Belgique)".

عن أزمة القضاء


صحيفة الشرق القطريه السبت   17جمادى الآخره 1434 -  27 أبريل 2013
عن أزمة القضاء – فهمي هويدي

أزمة القضاة في مصر ليست جديدة، فمنذ ستينيات القرن الماضي رفع المستشار ممتاز نصار لواء التمرد ودعا إلى وقف تدخل السلطة في القضاء، الأمر الذي كان سببا في القيام بحملة ذبح القضاة في سنة 1969.

بعد ذلك طفت الأزمة على السطح مرة أخرى في مؤتمر العدالة الأول الذي عقد في عام 1986،
 ثم أشهرها المستشار يحيى الرفاعي في بيانه الشهير الذي صدر في عام 2002 ونعى فيه العدالة،
وأعلن اعتزاله المحاماة وانسحابه من الساحة القضائية، بعدما فضح موقف السلطة الساعي إلى هتك استقلال القضاء وبسط سلطانها عليه.

وتصدى للأزمة نادي القضاة في العام ذاته (2002) حين كان يرأسه المستشار زكريا عبد العزيز، حيث عالجها في مشروع جديد للسلطة القضائية لا يزال مودعا في وزارة العدل.

للدقة فإن المشكلة لم تكن في القضاء ولكنها كانت في النظام السياسي الذي عمد إلى ترويضه وتطويعه واستخدامه،
وهو المعنى الذي أبرزه أحد زعماء النهضة بالهند في أربعينيات القرن الماضي، حين ذكر أمام محكمة إنجليزية قدم إليها حين قال:
إن التاريخ شاهد على أنه كلما طغت السلطات الحاكمة ورفعت السلاح في وجه الحرية والحق كانت المحاكم آلات مسخرة بين أيديها تفتك بها كيفما شاءت.

وليس ذلك بعجيب، لأن المحكمة تملك قوة قضائية مهيبة، وتلك القوة يمكن استخدامها في العدل والظلم على السواء.
فهي في يد الحكومة العادلة أعظم وسيلة لإقامة العدل والحق، وبيد الحكومة الجائرة أفظع آلة للانتقام والجور ومقاومة الحق والإصلاح.

(ملحوظة: للعلم هذه الشهادة تضمنها كتاب ثورة الهند السياسية الصادر سنة 1941، وأوردها الدكتور فتحي سرور حين كان أستاذا للقانون الجنائي في كتابه «الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية» الصادر في سنة 1980،
 لكنه حذفها من الكتاب لاحقا، بعد دخوله الوزارة في عام 1986 ثم ترؤسه لمجلس الشعب بعد ذلك طوال 21 عاما).

في وثيقة نعيه للعدالة وانسحابه من المحاماة قال المستشار يحيى الرفاعي إن الأنظمة المتعاقبة في مصر وضعت في دساتيرها نصوصا أكدت مبادئ سيادة القانون واستقلال القضاء وحصانته، وحظرت وأثمت التدخل في أي قضية أو أي شأن من شؤون القضاء،

 «إلا أن حكوماتها لم تتوقف طوال تلك السنين عن النص في القوانين المنظمة للسلطة القضائية وغيرها على ما يجرد تلك النصوص من مضمونها تماما،
 بل ويخالفها بنصوص صريحة صادرت بها لحساب السلطة التنفيذية معظم أصول هذا الاستقلال وقواعده وضماناته».

بيان المستشار يحيى الرفاعي فضح مظاهر تغول السلطة التنفيذية، ومشروع نادي القضاة الذي قدم في عام 2002، حاول أن يعالج تلك المظاهر عن طريق رفع يد وزارة العدل عن ندب القضاة وتعيينهم وتقدير أهليتهم وصلاحيتهم ومساءلتهم، إلى غير ذلك من الثغرات التي سمحت للسلطة التنفيذية بأن تتدخل في مرتبات القضاة ومخصصاتهم إلى جانب تدخلها في الأحكام التي يصدرونها.

الخلاصة أن الحديث عن فك ارتباط القضاء بالسلطة، وتحصينه ضد أساليب الاختراق والتأثير عليه له تاريخه الذي يمتد لنحو ستين عاما،
 إلا أن التغول ذهب إلى مدى أبعد في ظل النظام السابق، الذي أبقى على مختلف الثغرات التي شكا منها دعاة استقلال القضاء،
وأضاف عنصرا آخر استهدف كبار القضاة تمثل في إغوائهم بمد السن تارة وبتعيينهم في المناصب التنفيذية الرفيعة تارة أخرى (المحافظون مثلا).

لأن الرئيس السابق قضى أطول مدة في منصبه فإنه استطاع أن يمارس لعبة الغواية التي مارسها لتحصين واستمرار نظامه، إلى جانب تزوير انتخاباته واستفتاءاته.
فمنذ عام 1992 قرر مبارك رفع سن التقاعد من 60 إلى 62 عاما،
وبعد أن خفضه فإنه رفعه إلى 64 عاما ثم 66 عاما،
لكنه خفضه ورفعه من جديد إلى 68 عاما حتى وصل إلى 70 عاما.
وكان واضحا في كل ذلك أنه كان يريد الإبقاء على قضاة معينين لكي يحققوا له ما يريد.

هكذا فإن جوهر الأزمة لم يكن سن القضاة ولكنه تمثل في ضمانات استقلاله عن السلطة وإزالة آثار التبعية التي فرضت على ذلك المرفق المهم خلال العقود الماضية.

وللأسف فإن الذين قدموا مشروع السلطة القضائية الجديد أخطأوا حين أثاروا قضية سن تقاعد القضاة في الوقت الراهن،
كما أن الذين ثاروا ضد المشروع من رجال القضاء شغلوا بالاشتباك مع المشروع المقدم والتنديد بأهدافه، بأكثر مما شغلوا باهتبال الفرصة والتركيز على أهمية الحفاظ على استقلال القضاء وفك ارتباطه بالسلطة.

وكانت النتيجة أنهم حصروا مشروع السلطة القضائية الجديد في إطار المطالب الفئوية التي تستهدف الحفاظ على المكاسب المادية، فاهتموا برواتب القضاة ومزاياهم المادية ولم يهتموا باستقلال القضاء ذاته.
 وهو ما يدعونا إلى القول بأن الذين أثاروا الموضوع في مجلس الشورى اختاروا التوقيت الغلط والمدخل الغلط،
أما الذين عارضوه فإنهم خاضوا المعركة الغلط.

وفي النهاية ظلت أزمة القضاة الحقيقية تراوح مكانها ولم تتقدم خطوة إلى الأمام.